فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَاتِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ[1] آدَمَ إِلَى قَوْلِهِ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ[2] فَتَلاهَا عَلَى النَّصَارَى وَ دَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَنِي أَنَّ الْعَذَابَ يَنْزِلُ عَلَى الْمُبْطِلِ عَقِيبَ الْمُبَاهَلَةِ وَ يَتَبَيَّنُ[3] الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ. فَاجْتَمَعَ الْأُسْقُفُّ وَ أَصْحَابُهُ وَ تَشَاوَرُوا فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى اسْتِنْظَارِهِ إِلَى صَبِيحَةِ غَدٍ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى رِحَالِهِمْ[4] قَالَ الْأُسْقُفُّ انْظُرُوا مُحَمَّداً فَإِنْ غَدَا بِأَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ فَاحْذَرُوا مُبَاهَلَتَهُ وَ إِنْ غَدَا بِأَصْحَابِهِ فَبَاهِلُوهُ فَإِنَّهُ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ.
وَ قَالَ الْعَاقِبُ وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ[5] يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى أَنَّ مُحَمَّداً نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْفَصْلِ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكُمْ وَ اللَّهِ مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيّاً قَطُّ فَعَاشَ كَبِيرُهُمْ وَ لَا نَبَتَ صَغِيرُهُمْ وَ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَتَهْلِكُنَّ فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا إِلْفَ دِينِكُمْ وَ الْإِقَامَةَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَوَادِعُوا الرَّجُلَ وَ انْصَرِفُوا إِلَى بِلَادِكُمْ.
فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ص مِنَ الْغَدِ وَ قَدْ جَاءَ آخِذاً بِيَدِ عَلِيٍّ ع وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ يَمْشِيَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ فَاطِمَةُ ع تَمْشِي خَلْفَهُ فَسَأَلَ الْأُسْقُفُّ عَنْهُمْ.
فَقَالُوا هَذَا ابْنُ عَمِّهِ وَ صِهْرُهُ وَ أَبُو وُلْدِهِ وَ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ هَذَانِ الطِّفْلَانِ ابْنَا ابْنَتِهِ مِنْ عَلِيٍّ وَ هُمَا مِنْ أَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ وَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ فَاطِمَةُ ابْنَتُهُ وَ هِيَ أَعَزُّ النَّاسِ عِنْدَهُ وَ أَقْرَبُهُمْ إِلَى قَلْبِهِ.
[1]- آل عمران/ 59.
[2]- نفس السورة/ 61.
[3]- هكذا في م. و في سائر النسخ: تبيّن.
[4]- م: رجالهم.
[5]- ج و أ: عرفتم.