ثم أتى دار فرات و هو سوق الكرابيس، فقال: يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم، فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئا، ثم أتى آخر فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئا، فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، و لبسه ما بين الرّسغين [2] إلى الكعبين.
و قال حين لبسه: «الحمد للّه الذي رزقني من الرياش ما أتجمّل به في الناس و أواري به عورتي، فقيل له: يا أمير المؤمنين هذا شيء ترويه عن نفسك أو شيء سمعته من رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم)؟ قال: بل شيء سمعته من رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) يقول عند الكسوة فجاء أبو الغلام صاحب الثوب، فقيل: يا فلان قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم، قال [3]: أفلا أخذت منه درهمين؟ فأخذ أبوه درهما و جاء به إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو جالس على باب الرحبة و معه المسلمون، فقال: أمسك هذا الدرهم يا أمير المؤمنين، قال: ما شأن هذا الدرهم؟
قال: كان ثمن قميصك درهمين، فقال: باعني برضاي و أخذ رضاه [4].
23- أبو عمرو الزاهد: [5] قال أمير المؤمنين (عليه السلام) و قد أمر بكنس بيت المال و رشّه فقال: يا صفراء غرّي غيري يا بيضاء غرّي غيري ثم تمثل (عليه السلام):
هذا جناي و خياره فيه* * * إذ كلّ جان يده إلى فيه
و عنه قال ابن الأعرابي [6]: إنّ عليا (صلوات اللّه عليه) دخل السوق، و هو
[1] السمك الطافي: الذي يموت في الماء فيعلو و يظهر.
[2] الرسغ (بضم الراء المهملة) المفصل ما بين الساعد و الكف.
[4] كشف الغمّة ج 1/ 163 نقلا عن مناقب الخوارزمي: 69 و عنه البحار ج 40/ 331 ح 14.
[5] أبو عمرو الزاهد: محمد بن عبد الواحد المطرّز الأديب اللغوي المعروف بغلام ثعلب توفي سنة (345) و له مصنّفات منها اليواقيت في اللغة و هي التي نقل الاربلي في كشف الغمة عنه.
[6] ابن الأعرابي: أبو عبد اللّه محمد بن زياد الأديب اللغوي الكوفي المتوفى سنة (231).
اسم الکتاب : حلية الأبرار في أحوال محمد و آله الأطهار(ع) المؤلف : البحراني، السيد هاشم الجزء : 2 صفحة : 235