اسم الکتاب : حلية الأبرار في أحوال محمد و آله الأطهار(ع) المؤلف : البحراني، السيد هاشم الجزء : 2 صفحة : 223
و إنّه كان [1] ليعمل عمل رجل كأنّ وجهه بين الجنة و النار، يرجو ثواب هذه، و يخاف عقاب هذه، و لقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه اللّه و النجاة من النار مما كدّ بيده، و رشح منه جبينه.
و إن كان ليقوت أهله بالزيت و الخل و العجوة، و ما كان لباسه إلّا الكرابيس إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعا بالجلم فقصّه، و ما أشبهه من ولده و لا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه و فقهه من عليّ بن الحسين (عليهما السلام) و لقد دخل أبو جعفر (عليه السلام) ابنه عليه، فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفر لونه من السهر، و رمضت عيناه من البكاء، و دبرت جبهته، و انخرم أنفه من السجود، و ورمت ساقاه و قدماه من القيام إلى الصلاة.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): فلم أملك، حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة عليه، و إذا هو يفكّر، فالتفت [2] بعد هنيئة من دخولي فقال يا بنيّ أعطني بعض تلك الصحف الّتي فيها عبادة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا، ثم تركها من يده تضجّرا، و قال (عليه السلام): من يقوى على عبادة عليّ (عليه السلام) [3]؟!
16- ابن بابويه قال: حدّثنا صالح بن عيسى العجلي [4]، قال حدّثنا محمّد بن عليّ بن عليّ قال: حدّثنا محمّد بن مندة الإصفهاني [5]، قال: حدّثنا محمّد بن حميد [6]، قال: حدّثنا جرير [7]، عن الأعمش، عن أبي سفيان [8]،
[3] الارشاد للمفيد: 255- و عنه كشف الغمة ج 2/ 85- و البحار ج 46/ 74 ح 65 و الوسائل ج 1/ 68 ح 18- و العوالم ج 18/ 90 ح 2- و صدره في البحار ج 41/ 110 ح 19 و قطعة منه في الوسائل ج 3/ 370 ح 2.