اسم الکتاب : المسترشد في إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الطبري الشيعي، محمد بن جرير الجزء : 1 صفحة : 582
بالفضيلة اختصّه بها ليكون علما للطّالب، إذ كان مدلولا عليه،
و لم يكن اللّه ليدع عباده و الجهل، لأنّه ليس للجهل سوّاهم، و لا للهلكة أنشأهم،
و لم يكن ليدلّهم على الإسلام و الصّلاح، و هو يريد إفسادهم، و إنّ هذا غير جائز
على اللّه أن يدع العباد و لا يدلّهم على الصّلاح إذ كانت عقولهم لا تبلغ جميع
مصالحهم في دنياهم، فكيف يصلح لأمر الدّين!؟، و إذا كانوا عاجزين عن أمر الدّنيا
فهم عن الدّين أعجز، و لو لا ذلك لكان إرسال الرّسل إليهم فضولا و خطأ، و إذا
كانوا عاجزين عن العلم بمصلحة أبدانهم في دنياهم، فهم عن المستنبط بالقياس ممّا لا
تدركه الحواس، و عن المؤجّل الّذي لا يعرف بالمعجّل و عن الخفيّ الّذي [لا] يعرف
بالظّاهر أعجز؟!، فكيف لو وقفوا على غامض الدّين من التّعديل و التجويز، و معرفة
ما يجوز على اللّه، و ممّا لا يجوز؟ و على الفرق بين الكهنة و الرّسل، و بين
النّبيّ و المتنبّي، و بين الكاذب من الأخبار و بين الصّحيح[1]، و كيف يفصل بين
التأويل في الوعد و الوعيد، و الأسماء و الأحكام، و بين العلم بالحلال و الحرام، و
كيف يخفى على ذي عقل أنّ النّاس لا بدّ لهم من قيّم يعرّفهم مصالح دينهم، فالرّسول
قد أقامهم على جملة أمرهم، و أقام لهم الإمام ليدلّهم على ما يختلفون فيه من بعده
و عليه التفصيل.
فالأمر بعد رسول اللّه
(ص) راجع إلى الإمام المدلول عليه بعد أن يطاع و يؤخرّ له، لأنّ الرّسول (ص) يشرع
الشّريعة و يخبر بالجملة،