اسم الکتاب : المسترشد في إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الطبري الشيعي، محمد بن جرير الجزء : 1 صفحة : 573
فكما لم يدع تولية الوالي في حياته، و روّادهم[1] تأتيه
بتقويمه لهم في إختلافهم، و يردون[2] عليه فلا
يغفل عن تقويمهم [و إن غفلوا] و لا يدع ملامتهم و إن زهدوا، كذلك لم يدعهم بعد
وفاته.
فكيف إستجازوا أن
يعرّفوه بأنّه أهملهم بعد وفاته و تركهم بلا وال من قبله و الحاجة إلى الوالي بعد
وفاته أشدّ، إذ لم يكن لهم من يقيمهم إذا اختلفوا، و كان على الاختيار لهم أقدر، و
لا سيّما و هو على الإنتقال من دار الدّنيا، و ذلك آخر عهده بأمّته الّذين لم
يألها منذ ولّاه اللّه أمرها،[3] نظرا و
عطفا و لينا و تأديبا، و سنّته في وفاته كسنّته في حياته، و ذلك إنّا لم نر و لم
تر الأمّة شيئا من سنّة يغفلها مهملا بل لم يزدها إلّا تأكيدا، و من المحال أن
يترك الأمّة و يهمل أمرها حتّى تختلف و تعمل بآرائها، فيقع التّفاوت و الاختلاف، و
قد نفى اللّه ذلك عن نبيّه (ص) فقال: إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ*[4] و وصفه جلّ
ذكره فقال: وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ
يُوحى[5]، فإذا وقع
الاختلاف، فكلّ فرقة تقول بما تهوى، و على هذا تبطل سنّة الرّسول، و تثبت سنن
الأمّة المختلف فيها، [كذا].