إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي قَوْلُكَ!، فَأَيْنَ كُنْتُمْ يَوْمَ أُحُدٍ؟! وَ أَنْتُمْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ، وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ فِي آخِرِكُمْ؟.
فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا كَانَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ كَانَ الشَّيْطَانُ رَكِبَ عُنُقِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَ رَوَى الْوَاقِدِيُّ مَا هُوَ أَشْنَعُ مِنْ هَذَا، قَالَ[1]:
214- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ عُمَارَةَ تَقُولُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص)، يَوْمَئِذٍ جَالِساً مُتَرَبِّعاً، وَ إِنَّ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ، وَ سَلَمَةَ بْنَ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ مُقَنِّعَانِ فِي الْحَدِيدِ، قَائِمَانِ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ، إِذْ رَفَعَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو صَوْتَهُ، فَقَالا لَهُ: اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، وَ سُهَيْلٌ بَارِكٌ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَلَمٍ فِي شَفَتِهِ، إِذْ وَثَبَ الثَّانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَ لَسْنَا بِالْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ رَسُولُهُ، لَا أُخَالِفُ أَمْرَهُ، وَ لَنْ يُضَيِّعَنِي فَقَالَ لَهُ الثَّانِي: أَعْذَرَكَ اللَّهُ، وَ جَعَلَ يُرَدِّدُ الْكَلَامَ عَلَى النَّبِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: أَ لَا تَسْمَعُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ مَا يَقُولُ؟ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَ اتَّهِمْ رَأْيَكَ[2].
[1].- انظر المغازي للواقديّ، ج 2 ص 605، فيه تفصيل القضيّة.
[2].- ذكر الواقديّ في المغازي ج 2 ص 605 و 606 القضيّة بالتّفصيل باختلاف في بعض العبارات، فلعدم الإطالة نحيل إلى المصدر المذكور إن شئت فراجع.