فهذه جملة من عجائبه، و
لو شئنا لأتينا بأضعاف ذلك ممّا لا يقدرون على دفعه، ثمّ لمّا لم يقدروا على دفع
ما أوردناه طالبونا بعلّة التقيّة، و كيف جاز لبني هاشم القعود عن حقّهم في زمان
أعدائهم، و لم يجز للنّبيّ (ص) إخفاء نفسه، فأعلمناهم أنّ الرّسول قد استعمل
التقيّة حينا حتّى وجد أعوانا، فلمّا وجدهم خرج إلى المدينة، و أظهر الأمر، على
أنّ شرط الرّسول خلاف شرط الإمام بعده لأنّ الرّسول هو مبتدئ الدّعوة و مظهر
الشّريعة، فندعوه إلى إظهار المصلحة، و بنو هاشم لو كانوا في تقيّة طول مدّتهم
لكان الدّين مكتوما، و لم يكن على ظهر الأرض محجوج إذ كانت الحجّة لا تلزم إلّا
بظهور الآية إذا ظهرت، و إذا أعلن الرّسول، فقد صارت الدّار علانية،[2] و لا يجوز
أن يرسل اللّه رسولا فتكون آياته كلّها في دار التقيّة، فلا يظهر أمره و لا يشيع
خبره و الرّسول هو البشير، و لا بدّ للبشير من علم بصدقه ببرهان يقيمه و لا يجوز
أن يحيى الموتى لمن أظهر دعواه و أخفى معناه، لأنّه فلق البحر