لم تكن القبائل العربية الجاهلية المتناحرة، تعيش أيّة حضارة، ولم تكن
تمتلك أيّة تعاليم وقوانين وأنظمة وآداب قبل مجيء الاِسلام، فقد كانت محرومةً
من جميع المقوّمات الاجتماعية التي توجب التقدّمَ والرقي، ولذا فلم يكن من
المتوقع أن تصل إلى تلك الذرى الرفيعة من المجد والعظمة، ولا أن تنتقل من
نمط الحياة القبلية الضيقة إلى عالم الاِنسانية الواسع و أُفق الحضارة الرحيب، بمثل
هذه السرعة التي وصلت إليه، والزمن القصير الذي انتقلت فيه.
ويمكننا أن نقف على وصف دقيق لحالة العرب قبل الاِسلام، من خلال
مصدرين إسلاميين أساسيّين، وهما:
1. القرآن الكريم، وهو خير مرآة تعكس أحوال العرب وأوضاعهم بالدقّة
والشمولية.
2. ما صدر عن الاِمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة في وصف الحالة
قبل الاِسلام.
فقد ورد فيهما تصريحاتٌ ونصوصٌ صريحة تكشف عمّا كان عليه العرب
في الجاهلية من سوء أحوال، وأوضاع، وأخلاق في جميع الاَبعاد والاَصعدة.