اسم الکتاب : أحكام القرآن المؤلف : ابن إدريس الشافعي الجزء : 1 صفحة : 21
ويتفهموا بجلية التبيان ، وينتبهوا قبل رين الغفلة ، ويعملوا قبل انقطاع
المدة ، حين لا يعتب مذنب ، ولا تؤخذ فدية ، و (تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ،
وما عملت من سوء تودلو أن بينها وبينه أمدا بعيدا).
وكان مما أنزل
فى كتابه (جل ثناؤه) رحمة وحجة ؛ علمه من علمه ، وجهله من جهله.
قال : والناس
فى العلم طبقات ، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم فى العلم به ، فحق على طلبة العلم
بلوغ غاية جهدهم فى الاستكثار من علمه ، والصبر على كل عارض دون طلبه ، وإخلاص
النية لله فى استدراك علمه نصا واستنباطا ، والرغبة إلى الله فى العون عليه ـ فإنه
لا يدرك خير إلا بعونه ـ فإن من أدرك علم أحكام الله فى كتابه نصا واستدلالا ،
ووفقه الله للقول والعمل لما علم منه ـ فاز بالفضيلة فى دينه ودنياه ، وانتفت عنه
الريب ، ونورت فى قلبه الحكمة ، واستوجب فى الدين موضع الإمامة. فنسأل الله
المبتدئ لنا بنعمه قبل استحقاقها ، المديم بها علينا مع تقصيرنا فى الإتيان على ما
أوجب من شكره لها ، الجاعلنا فى خير أمة أخرجت للناس ـ : أن يرزقنا فهما فى كتابه
، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقولا وعملا يؤدى به عنا حقه ، ويوجب لنا نافلة
مزيده. فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفى كتاب الله الدليل على سبل
الهدى فيها. قال الله عز وجل : (الر كِتابٌ
أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ١٤
ـ ١)
وقال تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً
لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ١٦
ـ ٨٩)
وقال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ١٦
ـ ٤٤).
اسم الکتاب : أحكام القرآن المؤلف : ابن إدريس الشافعي الجزء : 1 صفحة : 21