اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 7 صفحة : 20
أن يخطئ كما روي عنه ص في نهيه لأهل المدينة عن تأبير النخل [1] .
فأما أصحابنا المعتزلة فإنهم اختلفوا في الخبر المروي عنه ع في سورة النجم فمنهم من دفع الخبر أصلا و لم يقبله و طعن في رواته و منهم من اعترف بكونه قرآنا منزلا و هم فريقان أحدهما القائلون بأنه كان وصفا للملائكة فلما ظن المشركون أنه وصف آلهتهم رفع و نهي عن تلاوته و ثانيهما القائلون إنه خارج على وجه الاستفهام بمعنى الإنكار فتوهم سامعوه أنه بمعنى التحقيق فنسخه الله تعالى و نهى عن تلاوته .
و منهم من قال ليس بقرآن منزل بل هو كلام تكلم به 14رسول الله ص من قبل نفسه على طريق الإنكار و الهزء بقريش فظنوا أنه يريد التحقيق فنسخه الله بأن بين خطأ ظنهم و هذا معنى قوله وَ مََا أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لاََ نَبِيٍّ إِلاََّ إِذََا تَمَنََّى أَلْقَى اَلشَّيْطََانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اَللََّهُ مََا يُلْقِي اَلشَّيْطََانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اَللََّهُ آيََاتِهِ[2] قالوا فإلقاء الشيطان هاهنا هو إلقاء الشبهة في قلوب المشركين و إنما أضافه إلى أمنيته و هي تلاوته القرآن لأن بغرور الشيطان و وسوسته أضاف المشركون إلى تلاوته ع ما لم يرده بها .
و أنكر أصحابنا الأخبار الواردة التي تقتضي الطعن علي 14الرسول ص قالوا و كيف يجوز أن تصدق هذه الأخبار الآحاد على من قد قال الله تعالى له كَذََلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤََادَكَ[3] و قال له سَنُقْرِئُكَ فَلاََ تَنْسىََ[4] و قال عنه وَ لَوْ تَقَوَّلَ
____________
(1) رواه مسلم في كتاب الفضائل 4: 1836 بسنده عن أنس: أن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم مرّ بقوم يلقحون النخل؛ فقال: «لو لم يفعلوا لصلح» قال: فخرج شيصا (و هو اليسر الردىء) فمر بهم فقال: