responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد    الجزء : 19  صفحة : 79

فإنه يروم منها مثل ما يروم من تلك و أن يودعها خزانة محسوسة خارجة عن ذاته لكنه يغلط في ذلك من حيث يستكثر منها إلى أن يتنبه بالحكمة على ما ينبغي أن يقتني منها و إنما حرص على ما منع لأن الإنسان إنما يطلب ما ليس عنده لأن تحصيل الحاصل محال و الطلب إنما يتوجه إلى المعدوم لا إلى الموجود فإذا حصله سكن و علم أنه قد ادخره و متى رجع إليه وحده إن كان مما يبقى بالذات خزنه و تشوق إلى شي‌ء آخر منه و لا يزال كذلك إلى أن يعلم أن الجزئيات لا نهاية لها و ما لا نهاية له فلا مطمع في تحصيله و لا فائدة في النزوع إليه و لا وجه لطلبه سواء كان معلوما أو محسوسا فوجب أن يقصد من المعلومات إلى الأهم و من المقتنيات إلى ضرورات البدن و مقيماته و يعدل عن الاستكثار منها فإن حصولها كلها مع أنها لا نهاية لها غير ممكن و كلما فضل عن الحاجة و قدر الكفاية فهو مادة الأحزان و الهموم و ضروب المكاره و الغلط في هذا الباب كثير و سبب ذلك طمع الإنسان في الغنى من معدن الفقر لأن الفقر هو الحاجة و الغنى هو الاستقلال إلى أن يحتاج إليه و لذلك قيل إن الله تعالى غني مطلقا لأنه غير محتاج البتة فأما من كثرت قنياته فإنه يستكثر حاجاته بحسب كثرة قنياته و على قدرها رغبه إلى الاستكثار بكثرة وجوه فقره و قد بين ذلك في شرائع الأنبياء و أخلاق الحكماء فأما الشي‌ء الرخيص الموجود كثيرا فإنما يرغب عنه لأنه معلوم أنه إذا التمس وجد و الغالي فإنما يقدر عليه في الأحيان و يصيبه الواحد بعد الواحد و كل إنسان يتمنى أن يكون ذلك الواحد ليصيبه و ليحصل له ما لا يحصل لغيره‌

اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد    الجزء : 19  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست