اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 1 صفحة : 4
محمد بن أحمد بن محمد العلقمي [1] نصير أمير المؤمنين أسبغ الله عليه من ملابس النعم أضفاها و أحله من مراقب السعادة و مراتب السيادة أشرفها و أعلاها لما شرفت عبد دولته و ربيب نعمته بالاهتمام بشرح نهج البلاغة على صاحبه أفضل الصلوات و لذكره أطيب التحيات بادر إلى ذلك مبادرة من بعثه من قبل عزم ثم حمله [2] أمر جزم و شرع فيه بادي الرأي شروع مختصر و على ذكر الغريب و المعنى مقتصر ثم تعقب الفكر فرأى أن هذه النغبة [3] لا تشفي أواما و لا تزيد الحائم إلا خياما فتنكب ذلك المسلك و رفض ذلك المنهج و بسط القول في شرحه بسطا اشتمل على الغريب والمعانيوعلم البيانو ما عساه يشتبه و يشكل من الإعراب و التصريف و أورد في كل موضع ما يطابقه من النظائر و الأشباه نثرا و نظما و ذكر ما يتضمنه من السير و الوقائع و الأحداث فصلا فصلا و أشار إلى ما ينطوي عليه من دقائق علم التوحيد و العدل إشارة خفيفة و لوح إلى ما يستدعي الشرح ذكره من الأنساب و الأمثال و النكت تلويحات لطيفة و رصعه من المواعظ الزهدية و الزواجر الدينية و الحكم النفسية و الآداب الخلقية المناسبة لفقره و المشاكلة لدرره و المنتظمة مع معانيه في سمط و المتسقة مع جواهره في لط [4] بما يهزأ بشنوف النضار و يخجل قطع الروض غب القطار و أوضح ما يومئ إليه من المسائل الفقهية و برهن على أن كثيرا من فصوله داخل في باب المعجزات المحمدية لاشتمالها على
[1] هو مؤيد الدين أبو طالب محمّد بن أحمد بن العلقمى البغداديّ، وزير المستعصم باللّه، الخليفة العباسيّ.
اشتغل في صباه بالأدب، ففاق فيه، و كتب خطا مليحا، و ترسل ترسلا فصيحا، و كان لبيبا كريما، رئيسا متمسكا بقوانين الرئاسة، خبيرا بأدوات السياسة، محبا للأدب، مقربا لأهل العلم، اقتنى كتبا كثيرة نفيسة، و صنف الناس له؛ منهم الصغانى، صنف له العباب، و هذا المصنّف الذي ألف برسمه، و كان ممدحا، مدحه الشعراء، و انتجعه الفضلاء، و أخباره الطيبة كثيرة و جلية. توفّي سنة 656. الفخرى 295، 296.