اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 262
وراء ترسيخ فقه عثمان. و قد مرّ عليك أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر و أخاه محمّدا، و كذا ابن عمر كان وضوؤهم هو المسح، و ذلك يدلّل و يؤكّد على أنّ سيرة المسلمين كانت هي المسح منذ عهد النبيّ الأكرم (ص) حتّى عهد الشيخين [1]، لما اتّضح لك من قبل من عدم وجود الخلاف في عهدهما، و ترى الآن فعل أبنائهما في الوضوء.
و أنّ مواقف الصحابة و أبنائهم من أمثال أنس بن مالك و عبد اللّٰه بن عبّاس و عبد الرحمن بن أبي بكر، كانت ذات بعد توجيهي، و هي تومئ إلى ديمومة خطّ السنّة النبويّة، رغم مخالفة الحكّام له.
لقد أوصلنا البحث إذن إلى أنّ البعض من العشرة المبشّرة، و زوجات النبيّ، و خدمه، و بعض كبار الصحابة من أمثال ابن عبّاس و عليّ بن أبي طالب و .. قد نقلوا لنا الوضوء الثنائيّ المسحيّ و اعتبروه سنّة نبويّة يجب العمل بها.
بهذا. فقد وقفنا على بعض خلفيّات المسألة، و اتّضح لنا جهل من يقول:
هذا هو وضوء الرافضة أو الشيعة فقط، بل عرفت بأنّه وضوء رسول اللّٰه، و وضوء كبار الصحابة.
لما ذا إذن؟!
بعد هذا نتساءل: لما ذا لا نرى قائلا بالمسح في المذاهب الأربعة اليوم رغم مشروعيّته منذ زمن الرسول إلى هذا العهد و رغم تناقل الفقهاء و المحدّثين ذلك في كتبهم؟ و كيف صار المسلمون لا يقبلون ذلك الوضوء و ينظرون إليه بارتياب و استنكار؟! و لما ذا يتّهم القائل بالمسح بالزندقة و الابتداع و الخروج من الدين، رغم ثبوته و التزام كبار الصحابة به و فعلهم له؟! و كيف يقول ابن كثير: و من أوجب من الشيعة مسحها كما يمسح الخف،
[1] أمّا ما نسب إلى الخليفة عمر بن الخطاب من أنّه كان يغسل رجليه، فهو ممّا نبحثه في الفصل الأوّل من هذه الدراسة إن شاء اللّٰه تعالى.
اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 262