ثمّ يعلّل ذلك بسبب نشاط حركة الهجرة في طلب الحديث، ثمّ يضيف إليه عامل سعي اليهود و النصارى في محاولة مسخ الشريعة، متناسيا دور السلطة و أهدافها في إبعاد الخطّ الإسلاميّ و تحريف مجراه.
و الذي يؤسفنا حقّا أن نرى كتّابا قد وصلوا إلى الحقيقة، لكنّهم يعزون الإسرائيليّات إلى كيد اليهود، و دورهم في تحريف الإسلام و لم يذكروا الأيدي الأمويّة! و هنا نتساءل:
هل يقوى اليهود- الذين كانوا يعطون الجزية، و هم صاغرون- على ممارسة دورهم الهدّام بعيدا عن أيّ دعم من قبل السلطة الحاكمة؟
و كيف نرى ابن حجر قد حصر الوضع في الحديث في: الخوارج و الروافض و غيرهم من المبتدعة!!. حيث قال في مقدمة فتح الباري: ثمّ حدث في أواخر التابعين تدوين الآثار، و تبويب الأخبار، لمّا انتشر العلماء في الأمصار، و كثر الابتداع من الخوارج و الرافضة [2]! فهل يمكن للروافض أن يضعوا الأحاديث و ينشروها بين المسلمين، في الوقت الذي كانوا فيه يعانون من الاضطهاد و التشريد و التقتيل؟! و هل إنّ بدايات وضع الحديث قد جاءت على يد هؤلاء حقّا؟! و كيف يتهجّم ابن حجر على طوائف من المسلمين، و يترك الكلام عن تأثيرات الحكّام في الأحكام الشرعيّة و رغبتهم الجامحة في وضع الحديث، خصوصا في العهد العبّاسيّ؟! لا ندري كيف نسب ابن حجر الوضع إلى الخوارج و الرافضة- مع علمنا بأنّهم من المخالفين للحكّام دوما- و لم يعز ذلك إلى بني أميّة الذين أسلموا تحت أسنّة الحراب، و ما انفكّوا عن محاربة الإسلام حتّى آخر لحظة قبل دخولهم فيه