الخنزير؟ فقلت: لا و لكنّهم يشربون الخمر
فقال لي كل معهم و اشرب.[1] فإنّ
الإمام عليه السلام جوّز لزكريّا الأكل و الشرب مع اهله النصرانيّين و كان مبتلى
بمعاشرتهم و الأكل من طعامهم و مماسّة آنيتهم و مباشرتها بمجرّد انّهم لا يأكلون
لحم الخنزير و هذا يدلّ على طهارة النّصارى و الّا لما كان يجوّز الإمام مؤاكلتهم.
و فيه انّه و ان كانت الرواية تدلّ بحسب الظاهر على طهارة النصارى،
حيث انّ زكريّا وحده كان قد أسلم من بين اهله و أسرته و بقي أهله على نصرانيّتهم،
و لمّا صرّح هو بأنّهم لا يأكلون لحم الخنزير أجاز الامام الأكل و الشرب معهم.
الّا انّ في الرواية احتمالات اخرى:
أحدها: ان يكون تجويز الامام لأجل اضطرار زكريّا الى معاشرتهم و
مزاولتهم و الأكل معهم و من آنيتهم كما لعلّه يظهر ذلك من شرائط حاله و شأنه
الخاصّ به حيث انّه كان قد نشأ في رهط نصرانيين و أسلم وحده و بنفسه فهو عرفا في
ظروف خاصة و شرائط استثنائية و اضطراريّة.
و يؤيّد ذلك، الخبر الذي رواه علىّ بن جعفر عن أخيه و سيأتي ذكره
إنشاء اللّه تعالى فانتظر.
ثانيها: ان يكون تجويز الامام لأجل مصلحة أهمّ مثل مصلحة ائتلاف قلوب
اهله و عائلته و توجيههم إلى الإسلام كما يؤيّد هذا الاحتمال ما نقل من انّ امّه
قد أسلمت لما رأت من ابنها ما حيّرها و أعجبها و استحسنته من محامد الأخلاق و
السيرة المحمودة و المواقف المشكورة و مناهج الصلاح و السداد و المداراة معها و
انّه يبالغ في الإحسان إليها و يخدمها خدمة صادقة، تلك الصفات الكريمة التي اكتسبها
في ظلال الإسلام.
[1]. وسائل الشيعة ج 16 ب 54 من أبواب الأطعمة
المحرّمة ح 5.