استأذنت بكارة الهلالية على معاوية بن أبي سفيان، فأذن لها، وهو يومئذ بالمدينة، فدخلت عليه - وكانت امرأة قد أسنت وعشى بصرها وضعفت قوتها ترعش بين خادمين لها - فسلمت وجلست، فرد عليها معاوية السلام، وقال:
كيف أنت يا خالة؟ قالت: بخير يا أمير المؤمنين، قال: غيرك الدهر! قالت:
كذلك هو ذو غير، ومن عاش كبر، ومن مات قبر.
قال عمرو بن العاص: هي والله القائلة يا أمير المؤمنين:
يا زيد دونك فاستثر من دارنا * سيفا حساما في التراب دفينا
قد كنت أذخره ليوم كريهة [1] * فاليوم أبرزه الزمان مصونا
قال مروان: وهي والله القائلة يا أمير المؤمنين:
أترى ابن هند للخلافة مالكا * هيهات! ذاك وإن أراد بعيد
منتك نفسك في الخلاء ضلالة * أغراك عمرو للشقاء وسعيد
قال سعيد بن العاص: هي والله القائلة:
قد كنت أطمع أن أموت ولا أرى * فوق المنابر من أمية خاطبا
فالله أخر مدتي فتطاولت * حتى رأيت من الزمان عجائبا
في كل يوم للزمان خطيبهم * بين الجميع لآن أحمد عائبا
ثم سكتوا.
فقالت: يا معاوية [2] كلامك أعشى بصري وقصر حجتي، أنا والله قائلة