الدليل على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد [1]. ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: " لا يغلق الرهن من راهنه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه " [2] أراد بالغنم الزيادة وبالغرم النقصان والتلف. فإن قيل: أراد بالغرم نفقته ومؤونته. قلنا: نحمله على الأمرين [3]. فإن تعلقوا بما روي: من أن رجلا رهن فرسا عند غيره فنفق فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك - يعني المرتهن فقال: " ذهب حقك " [4]، ومعلوم أنه لم يرد ذهاب حقه من الوثيقة، لأن ذلك معلوم مشاهدة، فثبت أنه أراد ذهاب حقه من الدين. فالجواب عنه: أن المراد ذهاب حقك من الوثيقة، يدل على ذلك وجهان: أحدهما: أنه وحد الحق، ولو أراد ذهاب الدين والوثيقة معا لقال: ذهب حقاك. والوجه الثاني: أن عند أبي حنيفة أن الدين إنما يسقط إذا كان مثل قيمة الرهن أو أقل، وإذا كان أكثر فإن ما زاد على قيمة الرهن لا يسقط [5]. فلو كان المراد سقوط حقه من الدين، لكان عليه السلام يفصل، ولم يفعل ذلك. .
[1] في (ج) و (م): " بعد الاجماع المتردد ما روى... ". [2] سنن الدارقطني 3: 33 / 133، أحكام القرآن للجصاص 2: 265، المراسيل لأبي داود 143 / 165، السنن الكبرى للبيهقي 6: 39، نصب الراية 4: 319، حلية الأولياء 7: 315. [3] لا يوجد في (ج) و (م) من قوله: " فإن قيل... إلى هنا ". [4] المراسيل لأبي داود 143 / 165، أحكام القرآن للجصاص 2: 264، السنن الكبرى للبيهقي 6: 41، نصب الراية 4: 321. [5] المبسوط للسرخسي 21: 64 - 65، اللباب في شرح الكتاب 2: 55، الهداية للمرغيناني 4: 128، بداية المجتهد 2: 275.