اسم الکتاب : كفاية الأحكام المؤلف : المحقق السبزواري الجزء : 2 صفحة : 479
الثاني: أن يكون العرضة بمعنى المعرض للأمر قال الشاعر:
فلا تجعلوني عرضة للّوائم فيكون المعنى: لا تجعلوا اللّٰه معرضاً لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف، و لذلك ذمّ الحلّاف بقوله تعالى وَ لٰا تُطِعْ كُلَّ حَلّٰافٍ مَهِينٍ[1] بأشنع المذامّ، و صدّرت بقوله: «حلّاف» أي كثير الحلف.
قال في الكشّاف: كثير الحلف في الحقّ و الباطل، و كفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف قوله عزّ و جلّ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا علّة للنهي، أي إرادة أن تبرّوا و تتّقوا و تصلحوا، لأنّ الحلّاف مجترئٌ على اللّٰه غير معظّم له، فلا يكون برّاً تقيّاً، و لا يثق به الناس و لا يدخلونه في وسطائهم و إصلاح ذات بينهم [2].
و اليمين على الأُمور الدنيويّة مكروهة، و الإكثار منها أشدّ كراهية، بل الظاهر كراهية الإكثار من اليمين مطلقاً، و يدلّ عليه الآية على أحد التفسيرين. و ما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: اجتمع الحواريّون إلى عيسى (عليه السلام) فقالوا له: يا معلّم الخير أرشدنا. فقال لهم: إنّ موسى نبيّ اللّٰه أمركم أن لا تحلفوا باللّٰه كاذبين و أنا آمركم أن لا تحلفوا باللّٰه كاذبين و لا صادقين [3].
و عن أبي أيّوب الخزّاز قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) يقول: لا تحلفوا باللّٰه كاذبين و لا صادقين، فإنّه عزّ و جلّ يقول وَ لٰا تَجْعَلُوا اللّٰهَ عُرْضَةً لِأَيْمٰانِكُمْ[4].
و عن أبي بصير قال: حدّثني أبو جعفر (عليه السلام) أنّ أباه كانت عنده امرأة من الخوارج أظنّه قال: من بني حنيفة، فقال له مولى له: يا ابن رسول اللّٰه: إنّ عندك امرأة تبرأ من جدّك، فقضى لأبي أنّه طلّقها، فادّعت عليه صداقها، فجاءت به إلى أمير المدينة تستعديه، فقال له أمير المدينة: يا عليّ إمّا أن تحلف، و إمّا أن تعطيها، فقال لي: يا بنيّ! قم فأعطها أربعمائة دينار، فقلت له: يا أبه! جعلت فداك، أ لست محقّاً؟