إنّ من أعظم وأجمل ما دعا إليه الدين الاسلامي هو التآخي بين المسلمين على اختلاف طبقاتهم ومراتبهم ومنازلهم، كما أنّ من أوطأ وأخس ما صنعه المسلمون اليوم وقبل اليوم هو تسامحهم بالاَخذ بمقتضيات هذه الاَخوّة الاسلامية.
لاَنّ من أيسر مقتضياتها ـ كما سيجيء في كلمة الامام الصادق (عليه السلام) ـ: «أن يحب لاَخيه المسلم ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه».
أنعم النظر، وفكِّر في هذه الخصلة اليسيرة في نظر آل البيت (عليهم السلام)، فستجد أنّها من أشق ما يفرض طلبه من المسلمين اليوم، وهم على مثل هذه الاَخلاق الموجودة عندهم البعيدة عن روحية الاسلام، فكِّر في هذه الخصلة لو قدِّر للمسلمين أن ينصفوا أنفسهم، ويعرفوا دينهم حقاً، ويأخذوا بها فقط أن يحب أحدهم لاَخيه ما يحب لنفسه، لما شاهدت من أحد ظلماً ولا اعتداء، ولا سرقة ولا كذباً، ولا غيبة ولا نميمة، ولا تهمة بسوء، ولا قدحاً بباطل، ولا إهانة ولا تجبُّراً.
بلى، إنّ المسلمين لو وقفوا لاِدراك أيسر خصال الاخوّة فيما بينهم، وعملوا بها، لارتفع الظلم والعدوان من الاَرض، ولرأيت البشر اخواناً على سرر متقابلين قد كملت لهم أعلى درجات السعادة الاجتماعية، ولتحقَّق حلم الفلاسفة الاَقدمين في المدينة الفاضلة، فما احتاجوا ـ حينما يتبادلون الحب والمودّة ـ إلى الحكومات والمحاكم، ولا إلى الشرطة والسجون، ولا إلى قانون للعقوبات، وأحكام للحدود والقصاص، ولما خضعوا لمستعمر،