فتجب على الكافر كما تجب عليه سائر التكليفات السمعية، و لا تصح منه ما دام على كفره، لامتناع تقربه على الوجه المعتبر. و كما أن الإسلام شرط لصحتها فكذا الأيمان، فإن أحدهما غير الآخر على الأصح، فإن الإسلام هو الانقياد و الإذعان بإظهار الشهادتين و التلفظ بهما، و الايمان هو التصديق بهذه المعارف بالقلب و اللسان بالدليل.
و ممّا يدل على التغاير بينهما قوله تعالى «قٰالَتِ الْأَعْرٰابُ آمَنّٰا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنٰا وَ لَمّٰا يَدْخُلِ الْإِيمٰانُ فِي قُلُوبِكُمْ»[1]، نفى عنهم الإيمان و أثبت لهم الإسلام، و هو دال على التغاير و الانفكاك.
و من احتج على الاتحاد بقوله تعالى فَأَخْرَجْنٰا مَنْ كٰانَ فِيهٰا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمٰا وَجَدْنٰا فِيهٰا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ[2] حيث أنه سبحانه استثنى المسلمين من المؤمنين فلا حاجة له فيه، لأن الاستثناء المتصل يقتضي صحة دخول المستثنى في المستثنى منه لو لا الاستثناء، فيقتضي التصادق هنا بين الإسلام و الايمان في ذلك الفرد المستثنى، و ذلك لا يقتضي تصادقهما في كل فرد المقتضي للتساوي، و نحن نقول بموجبة، لأن الإسلام أعم من الايمان مطلقا، فتبقى دلالة الآية الأولى بغير معارض.
و بعض الشارحين جعل اعتقاد الأصول المذكورة هو الإسلام بناء على اتحادهما، و جعل قول المصنف: و يجب أمام فعلها ..، تفسير للإسلام المذكور في قوله:
و يشترط في صحتها الإسلام. و هو غلط، لأن المذكور ثانيا كلام مستأنف منفصل من الأول بالكلية، مصدّر بحكم مخالف بظاهره حكم ما قبله، لأنه مصدّر بالوجوب و ما قبله بالاشتراط، مع أن الاشتراط مراد في الثاني مجازا بدليل قوله آخرا: فمن لم