أحدهما: استصحاب الحكم المنصوص، و بيانه: ان النصوص وردت بجواز السجود على التربة الحسينية قبل أن تشوى، فيجب استصحاب هذا الحكم بعد شيها، لانتفاء الناقل شرعا، فان الاستصحاب حجة و مستعمل ما لم يرد من الشرع ناقل.
و ثانيهما: استصحاب الحكم المجمع عليه الى موضع النزاع، و بيانه: ان الإجماع واقع على جواز السجود على التربة قبل ان تشوى، فيستصحب حكمه الى موضع النزاع، و هو ما إذا شويت، لانتفاء الناقل شرعا من نص أو إجماع، و الاستصحاب حجة كما قدمناه.
فان قلت: الناقل حصول الاستحالة في المشوية المخرجة لها عن كونها أرضا.
قلنا: سنبين إنشاء اللّه تعالى فساد هذه الدعوى، و تحقيق أن ذلك من الأوهام الفاسدة الناشئة عن عدم الإحاطة بمعنى الاستحالة، و عدم الفرق بين الشيء و ما فيه ملامحة له توهم انه هو.
الثالث: الإجماع
من علمائنا بل من جميع المسلمين على جواز السجود على التربة المتنازع فيها.
و تحقيقه: انا بعد التتبع الصادق لكلام الأصحاب، الذين هم أهل الحل و العقد، في كتبهم المختصة بالفتاوى، و كتب الاستدلال، و ما أفردوه من الكتب لنقل الخلاف لم نجد في كلام أحد منهم تصريحا و لا تلويحا بالمنع من السجود على المشوية، و لا نقل ناقل منهم عن أحد العلماء في طبقة من الطبقات، و لا في عصر من الأعصار القول بالمنع منه، مع تتبعهم لنقل الخلاف النادر في المسائل النادرة و تصديهم لتوجيهه أو رده، و المتنازع فيه من الأمور الشائعة التي تعم بها البلوى، و لا ينفك منها أكثر الناس.