اسم الکتاب : رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 3 صفحة : 296
للجميع، فلم يبق ما يختص به المؤمنون إلا الايمان، و إذا كان منعماً بالايمان وجب أن يكون من فعله تعالى، لان المنعم لا يكون منعماً الا بما يفعله.
الجواب:
قلنا: غير مسلم لكم أن المراد بالانعام هاهنا الايمان و الدين، لانه تعالى قد ينعم على المؤمنين بأشياء يخصهم دون الكافر بالخواطر و البواعث السهلة الشارحة للصدور، و لهذا قال تعالى وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زٰادَهُمْ هُدىً[1] فبين أنه قد خصهم لمكان هداهم و ايمانهم بما لم يعم به الكافرين.
ثم يجوز أن يريد بالنعمة هاهنا الثواب، لان الثواب من فعله، و إذا كان انما استحق بتعريضه و تكليفه كان نعمة منه تعالى و منسوباً الى تفضله و رحمته.
ثم لو سلمنا أن المراد بالاية الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ بالايمان حسب ما اقترحوا لم تكن فيه دلالة على أن الايمان من فعله عز اسمه، لأنه إذا كان بتفويضه و تكليفه و توفيقه و ألطافه و معونته، فهو نعمة منه.
أ لا ترى ان أحدنا إذا دفع الى غيره ما لا عظيماً تفضلا عليه، فصرفه ذلك الغير في ضروب المنافع و ابتياع العبيد و الضياع، لم يمتنع أحد من ان ينسب تلك الضياع أنها [2] نعمة من دافع المال من حيث وصل إليها بنعمته و معونته، و هذا واضح لا شبهة فيه.