اسم الکتاب : رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 2 صفحة : 91
فكذلك إذا كان فيها توصل إلى إقامة حق و دفع باطل يخرج عن وجه القبح.
و لا يشبه ذلك ما يعترض في الكذب مما لا يخرجه عن كونه قبيحا، لأنا قد علمنا بالعقل وجه قبح الكذب، و أنه مجرد كونه كذبا، لان هذه جهة عقلية يمكن أن يكون العقل طريقا إليها.
و ليس كذلك الولاية من قبل الظالم، لان وجه قبح ذلك في الموضع الذي يقبح فيه شرع [1]، فيجب أن يثبته [2] قبيحا في الموضع الذي جعله الشرع كذلك.
و إذا كان الشرع قد أباح التولي من قبل الظالم مع الإكراه، و في الموضع الذي فرضنا أنه متوصل به الى إقامة الحقوق و الواجبات، علمنا أنه لم يكن وجه القبح في هذه الولاية مجرد كونها ولاية من جهة ظالم، و قد علمنا أن إظهار كلمة الكفر لما كانت تحسن مع الإكراه، فليس وجه قبحها مجرد النطق بها و إظهارها بل بشرط الإيثار.
و قد نطق القرآن بأن يوسف (عليه السلام) تولى من قبل العزيز و هو ظالم، و رغب إليه في هذه الولاية، حتى زكى نفسه فقال اجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ[3]، و لا وجه لحسن ذلك الا ما ذكرناه من تمكنه بالولاية من اقامة الحقوق التي كانت يجب عليه إقامتها.
و بعد: فليس التولي من جهة الفاسق أكثر من إظهار طلب الشيء من جهة لا يستحق منها و بسبب لا يوجبه.
و قد فعل ما له هذا المعنى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)،