أَسْوَدُ خَشِنٌ، فَقَالَ: يَا كَامِلُ، هَذَا لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ هَذَا لَكُمْ. فَخَجِلْتُ وَ جَلَسْتُ إِلَى بَابٍ مُرْخًى عَلَيْهِ سِتْرٌ، فَجَاءَتْ الرِّيحُ فَكَشَفَتْ طَرَفَهُ، فَإِذَا أَنَا بِفَتًى كَأَنَّهُ قَمَرٌ، مِنْ أَبْنَاءِ أَرْبَعٍ، أَوْ مِثْلِهَا، فَقَالَ: يَا كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، فَاقْشَعْرَرْتُ[1] مِنْ ذَلِكَ، وَ أُلْهِمْتُ أَنْ قُلْتُ:
لَبَّيْكَ يَا سَيِّدِي، فَقَالَ: جِئْتَ إِلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَ حُجَّةِ زَمَانِهِ، تَسْأَلُهُ: هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَ مَعْرِفَتَكَ، وَ قَالَ بِمَقَالَتِكَ؟
فَقُلْتُ: إِي وَ اللَّهِ.
قَالَ: إِذَنْ- وَ اللَّهِ- يَقِلُّ دَاخِلُهَا، وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَدْخُلُهَا[2] قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ: الْحَقِّيَّةُ قُلْتُ:
يَا سَيِّدِي: وَ مَنْ هُمْ؟
قَالَ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ حُبِّهِمْ لِعَلِيٍّ يَحْلِفُونَ بِحَقِّهِ وَ لَا يَدْرُونَ مَا حَقُّهُ وَ فَضْلُهُ.
ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: وَ جِئْتَ تَسْأَلُهُ عَنْ مَقَالَةِ الْمُفَوِّضَةِ، كَذَبُوا عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ، بَلْ قُلُوبُنَا أَوْعِيَةٌ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ اللَّهُ شِئْنَا، وَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) يَقُولُ: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ*[3] ثُمَّ رَجَعَ وَ اللَّهِ السِّتْرُ إِلَى حَالَتِهِ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ كَشْفَهُ.
ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مُبْتَسِماً وَ هُوَ يَقُولُ: يَا كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، مَا جُلُوسُكَ وَ قَدْ أَنْبَأَكَ بِحَاجَتِكَ حُجَّتِي مِنْ بَعْدِي؟! فَانْقَبَضْتُ وَ خَرَجْتُ، وَ لَمْ أُعَايِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَلَقِيتُ كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، وَ سَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْخَبَرِ، فَحَدَّثَنِي بِهِ[4].
492/ 96- وَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ يَزْدَادَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعَالِبِيُّ قِرَاءَةً فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلَّ رَجَبٍ سَنَةً سَبْعِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ الْقُمِّيِّ، قَالَ: كُنْتُ امْرَأً لَهِجاً بِجَمْعِ[5] الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى غَوَامِضِ
[1] في« ع، م»: فاشعرت.
[2] في« ع، م» زيادة: حتّى.
[3] الإنسان 76: 30.
[4] الهداية الكبرى: 359، إثبات الوصيّة: 222، غيبة الطّوسيّ: 246/ 216، الخرائج و الجرائح 1: 458/ 4 كشف الغمّة 2: 499، ينابيع المودّة: 461.
[5] في« ع»: بجميع.