اسم الکتاب : دراسات في الحديث والمحدّثين المؤلف : هاشم معروف الحسني الجزء : 1 صفحة : 221
الشيعة قد اسرفوا في التشنيع عليهم من غير ان يتفهموا المراد منه ، مع
العلم بان البداء بالمعنى الذي نذهب إليه لا يتنافى مع اصول الاسلام ، ولا يلزمه
شئ من المحاذير ، وغالى اكثرهم في التشنيع على الشيعة فادعوا بأن فكرة البداء من
مخترعات المختار بن عبيدة الثقفي ومنه اتتقلت إلى الشيعة واصبحت عقيدة لهم على حد
تعبيرهم ، وذلك حينما بلغ الصراع اشده بينه وبين مصعب بن الزبير ، وارسل جيشا لحرب
مصعب بقيادة احد اتباعه (احمد بن شميط) وقال لهم : إذ الوحى قد أخبره بان الظفر
سيكون لكم ، وشاءت الصدف ان ينهزم اتباعه في جميع المعارك التي دارت بينهم وبين
الزبيريين ، فقال لهم ، لقد وعدني ربي بالنصر ، ثم بدا له ، وتلى عليهم قوله تعالى
:
«يمحو الله ما يشاء
ويثبت وعنده ام الكتاب» واضافوا إلى ذلك انه كان احيانا يخبر اصحابه بامور ينسبها إلى الله تعالى
بقصد تضليل البسطاء والمغفلين من اتباعه ، فإذا ظهر لهم خلافها ، قال بدا لربكم ، وانطلقوا
من هذه الاساطير إلى ان هذه المقالة راجت بين الشيعة ، واصبحت جزء من عقائدهم ، فأضافوا
إلى اقوال الائمة على حد تعبيرهم ، وفسروا البداء بأن الله سبحانه يتعلق علمه بشئ
، ثم يبدو له تركه لوجود مفسدة فيه كانت خافية عليه اولا ، أو لرجحان تركه على
فعله ، ولازم ذلك تبدل ارادته وتجدد علمه ، وذلك لا يكون الا لمن يجهل العواقب
وتخفى عليه جهات الصلاح والفساد ، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
بهذا التسلسل
لتاريخ البداء ، وبهذا المعنى الذي لا يتناسب مع عظمة الخالق انطلق الكتاب
والمؤلفون وغيرهم للهجوم على الشيعة قديما وحديثا ، مع العلم بان الشيعة وبخاصة
الأثنا عشرية منهم ينزهون الله سبحانه ويعظمونه اكثر من جميع الفرق ، ويرون ان
البداء بهذا المعنى
اسم الکتاب : دراسات في الحديث والمحدّثين المؤلف : هاشم معروف الحسني الجزء : 1 صفحة : 221