قوله
: فيه دلالة على تجزّؤ الاجتهاد والفتوى وتجويز القضاء للمتجزّئ ، فافهم[١].
لا نزاع في أنّ
العلم بجميع الأحكام ليس شرطا في الفتوى والاجتهاد ، كيف وهو من خواصّ الشارع؟! بل
النزاع إنّما هو في اشتراط الاطّلاع بجميع مدارك الأحكام والقدرة على استنباطها ،
ومنها التوقّف ، كما لا يخفى على المطّلع بأحوال المجتهدين الّذين لا تأمّل لأحد
في اجتهادهم ، بل لا يوجد مجتهد إلّا ويتوقّف في بعض المسائل ، بل وغير واحد منها.
فعلى هذا ، لا
دلالة للرواية [٢] على التجزّؤ في الاجتهاد ، بل على أنّ العالم ببعض
الأحكام مجتهد ، وقوله فيه حجّة ، والمانع للتجزّؤ يمنع حصول العلم ببعض الأحكام
للمتجزّئ ، إلّا أن يدّعى ظهور حصول العلم ببعضها من دون الإحاطة بجميع المدارك في
ذلك الزمان ، لكن لو تمّ هذا ـ بحيث ينفع محلّ النزاع ـ يكون هو الدليل من دون
مدخليّة الرواية ، إذ لا نزاع في أنّه بعد تحقّق العلم يكون حجّة وعالمه مجتهدا ،
بل هذا فوق درجة الاجتهاد ، وهو فوق المجتهد ، إذ يكفي للمجتهد الظنّ ، بل النزاع
إنّما هو في حصول العلم أو الظنّ المعتبر من دون الاطّلاع بجميع المدارك ، إذ يجوز
أن يكون لباقي المدارك ـ كلّا أو بعضا ـ مدخليّة في الفهم ، فلو
[٢] أي رواية أبي
خديجة سالم بن مكرم الجمّال : مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ٧ ، من لا يحضره
الفقيه : ٣ ـ ٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ١٣ الحديث ٣٣٠٨٣.