كتاب الوصية من الصحيح عن سعيد بن جبير من طريق آخر عن ابن عباس، قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إئتوني بالكتف والدواة، أو اللوح والدواة، اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فقالوا: ان رسول الله يهجر [1]. اه. (851). ومن ألم بما حول هذه الرزية من الصحاح، يعلم أن أول من قال يومئذ: هجر رسول الله. إنما هو عمر، ثم نسج على منواله من الحاضرين من كانوا على رأيه، وقد سمعت قول ابن عباس - في الحديث الاول [2] -: فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول: ما قال عمر - أي يقول: هجر رسول الله - وفي رواية أخرجها الطبراني في الاوسط عن عمر [3]، قال: " لما مرض النبي قال: إئتوني بصحيفة ودواة، أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فقال النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله، قال عمر: فقلت إنكن صويحبات يوسف إذا مرض رسول الله عصرتن أعينكن، وإذا صح ركبتن عنقه ! قال: فقال رسول الله: دعوهن فإنهن خير منكم " اه. (852). وأنت ترى انهم لم يتعبدوا هنا بنصه الذي لو تعبدوا به لامنوا من الضلال، وليتهم اكتفوا بعدم الامتثال ولم يردوا قوله إذ قالوا: حسبنا كتاب الله، حتى كأنه لا يعلم بمكان كتاب الله منهم، أو أنهم أعلم منه بخواص الكتاب وفوائده، وليتهم اكتفوا بهذا كله ولم يفاجئوه بكلمتهم تلك - هجر رسول الله - وهو محتضر بينهم، [1] وأخرج هذا الحديث بهذه الالفاظ، أحمد في ص 355 من الجزء الاول من مسنده، وغير واحد من أثبات السنن. [2] الذي أخرجه البخاري عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس وأخرجه مسلم أيضا، وغيره. [3] كما في ص 138 من الجزء الثالث من كنز العمال.