إن الملك
العظيم إذا أمر أحدا بخدمة فإنه يحصل له غاية السرور و الابتهاج و الفخر بين الناس
و يفعل تلك الخدمة بتمام الإقبال و يبذل في تحسينها و إتقانها غاية الجهد و يجعلها
ما أمكن ليقع ذلك في قلب الملك موقعا حسنا رجاء أن ينفعه بشيء مع أن الملك عبد
مثله من عبيد اللَّه الضعفاء لا يستطيع أن ينفعه بشيء إلا أن يشاء اللَّه و إن
نفعه بولاية أو سلطنة ربما كان فيها هلاكه لأن ذلك الملك لا يعلم الغيب و لا يستطيع
دفع الضرر عن نفسه و إن نفعه بشيء و ليس فيه هلاكه فهو شيء حقير يسير من حطام
الدنيا و لا بقاء له و أما رب الأرباب و موجد الموجودات فقد شرفنا بخدمته و أكرمنا
بها من غير احتياج منه إليها بل بمجرد صلاحنا في الدنيا و الآخرة و هو صادق القول
و قادر و قد وعد على تلك الخدمة الثواب الجزيل أو النفع الدائم في جنات النعيم
الذي لا تساوي الدنيا و ما فيها أيسر يسير منه فكيف يليق من العاقل الرشيد أن
يتكاسل في تلك الخدمة خصوصا الصلاة و يؤخرها إلى آخر أوقاتها ثم يمل فيها بغير قلب
و لا رغبة بل مستقلا بها مستثقلا لها مشتغلا بها بجسمه و قلبه و فكره مشغول بمهمات
الدنيا الفانية و تغفل عن أن هذه الصلاة خدمة للرب و امتثال لأمره و وقوف بين يديه
لمناجاته و هو مطلع على السرائر فينبغي أن يكون بتمام الخشوع و الإقبال و المراقبة
و حضور القلب