اسم الکتاب : الرسائل العشر المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 1 صفحة : 25
يدانيه أو يضاهيه في هذا المضمار.
كان المفيد
معاصرا للقاضي عبد الجبّار رئيس المعتزلة المتوفّى عام ٤١٥ ، اي بعد وفاة المفيد
بعامين. [١] وكذلك للقاضي أبي بكر الباقلاني رئيس الأشاعرة ببغداد
المتوفّى عام ٤٠٣ ه. وكان للمفيد معهما مناظرات مذكورة في كتب التراجم ، وقد
اشتهر بسببها المفيد [٢] وعطفت نظر الملك عضد الدولة عليه فقدره حق قدره ، فكان
يزوره في بيته. وقد جاء في الكتب أنّ لقب « المفيد » أعطاه إياه « علي بن عيسى الرّماني
» ( ٢٩٦ ـ ٣٨٤ ه ) أحد المتكلّمين البارزين في ذلك الزمان ، بعد مباحثة جرت
بينهما أيّام شباب المفيد ، وكانت الغلبة فيها للمفيد. فأرسل الرّماني على الفور
رسالة إلى الشيخ أبى عبد الله المعروف ب « جعل » أستاذ الشّيخ المفيد يوم ذاك
يوصيه بالمفيد خيرا.
ولد محمد بن
محمّد بن النعمان المفيد في عائلة عريقة تنتهي بالنسب إلى يعرب بن قحطان ب (٣١)
واسطة ، في شهر ذي القعدة الحرام عام ٣٣٦ ه. وفي ليلة الجمعة يوم الثّالث من
رمضان عام ٤١٣ ه انتقل إلى رحمة الله في بغداد ، وصلّى عليه تلميذه الشّريف
المرتضى في ميدان « الأشنان » في جموع كثيرة حتّى إنّ الميدان على سعته قد ضاق
بالنّاس ولم ير يوم أكبر منه من كثرة النّاس للصلاة عليه ، ومن كثرة بكاء المخالف
والموافق عليه [٣] ويقول فيه ابن كثير الشامي : « شيّعه ثمانون ألفا من
الرّافضة والشيعة » [٤] وقد نسب إلى المفيد حوالي ٢٠٠ مؤلّف من جملتها حوالي
١٨٠ كتابا ورسالة سمّاها تلميذه أبو العبّاس النّجاشي في رجاله. [٥] وكثير منها
ردود على أقطاب المذاهب والآراء : أمثال الجاحظ ، وابن عبّاد ، وعلي بن عيسى
الرّمّاني ، وأبى عبد الله البصريّ ، وابن نباتة ، والجبّائي ، وابن كلاب ، والخالدي
، والنّفسي ، والنّصيبي ، والكرابيسي ، والعتبى ، والحلّاج ، [٦] وغيرهم.
بالإضافة إلى رسالات أكثر عددا من ذلك كتبها المفيد جوابا على
[١] كان عبد الجبّار
رئيس معتزلة بغداد ، ثم دعاه الوزير الصاحب بن عباد إلى الرّي فكان هناك مشتغلا
بالتأليف والتدريس إلى آخر حياته فتوفي بها عام ٤١٥ ه فيبدو أنّ اتصال المفيد به
كان في أيّام الشباب ، أمّا عبد الجبّار فقد كان في سن الكهولة حين ذاك لأنّه قد
مات عن عمر يناهز التّسعين كما يحدّثنا ابن الأثير في تاريخه الكامل ج ٧ ص ٣١.
[٢] لاحظ روضات
الجنّات ص ٥٦٣ للوقوف على تفصيل هذه المناظرة والّتي بعدها وغيرها من أحوال
المفيد.