قيل له : الركوع
هو التطأطؤ المخصوص ، وانما يقال للخضوع ركوع تشبيها ومجازا لان فيه ضربا من
الانخفاض ، والذي يدل على ما قلناه ما نص عليه أهل اللغة ، ذكر صاحب كتاب العين
فقال كل شيء ينكب لوجهه فيمس ركبته الأرض أو لا يمس بعد ان يطأطئ رأسه فهو راكع ،
وقال ابن دريد : الراكع : الذي يكبو على وجهه ومنه الركوع في الصلاة ، قال الشاعر
:
وأفلت حاجب
فوق العوالي
على شقّاء
تركع في الظراب
اى تكبو على
وجهها. وإذا ثبت ان الحقيقة في الركوع ما ذكرناه لم يسغ حمله على المجاز من غير
ضرورة.
فإن قيل : قوله
( الَّذِينَ آمَنُوا )لفظه [ عام ] كيف يجوز لكم حمله على الواحد وهل ذلك الا
ترك للظاهر.
قيل له : قد
يعبر عن الواحد بلفظ الجمع إذا كان عظيم الشأن عالي الذكر ، قال الله تعالى ( إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )[٢] وهو واحد ، وقال
( وَلَوْ شِئْنا
لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها )[٣] ، وقال ( إِنّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ)[٤] ، وقال (رَبِّ
ارْجِعُونِ )[٥] ونظائر ذلك
كثيرة. واجمع المفسرون على ان قوله ( الَّذِينَ قالَ
لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ )[٦] ان المراد
بقوله « الناس » الأول [ عبد الله ] بن مسعود الأشجعي ، وقال تعالى ( أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ)[٧] يعنى رسول
الله صلىاللهعليهوآله ، وقوله تعالى ( الَّذِينَ قالُوا
لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا )[٨] نزلت في عبد
الله بن أبي سلول ، وإذا كان ذلك مستعملا على ما قلناه ، وكذلك [٩] قوله تعالى :