اسم الکتاب : التّوحيد المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 367
القدر شيئا لا يحس ،
ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر لم يمض ولم يتم ، ولكنهما باجتماعهما قويا ،
ولله فيه العون لعباده الصالحين [١]
ثم قال عليهالسلام : ألا إن من
أجور الناس من رأى جوره عدلا وعدل المهتدي جورا ، إلا إن للعبد أربعة أعين : عينان
يبصر بهما أمر آخرته ، وعينان يبصر بهما أمر دنياه ، فإذا أراد الله عزوجل بعبد
خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما العيب [٢] وإذا أراد غير ذلك ترك القلب بما فيه ،
ثم التفت إلى السائل عن القدر فقال : هذا منه ، هذا منه [٣].
٥ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال :
حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال
: حدثنا علي بن زياد ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي حيان
التيمي [٤]
، عن أبيه ـ و
[١] بيان كلامه عليهالسلام : إن القدر يضاف إلى الله تعالى وهو
هندسة الشيء ووضع حدوده وجودا وعدما ، ويضاف إلى الأمر المقدر وهو تعينه وتقدره
بتلك الهندسة والحدود ، فما لم يكن القدر من الله تعالى لشيء لعدم تحقق بعض ما له
دخل فيه لم يتعين ذلك الشيء ولم يوجد ( وهذا معنى قوله عليهالسلام : ( لم يمض ولم يتم ) ولم يعرف الخالق
منه ولم يكن قدر الله فيه محسوسا ، ثم إن العمل حيث إن له دخلا فيما يصيب الإنسان
في دنياه وآخرته وإنه جزء لقدر ما يصيبه قال عليهالسلام
: ( ولكنهما باجتماعهما قويا ) وصارا منشأ لتحقق ما يصيب الإنسان ( وصلحا )
لحصوله. والحاصل إنا كل شيء خلقناه بقدر ، فلولا القدر لم يكن مخلوقا ولا القدر
فيه محسوسا ولا المقدر منه معروفا ، وعمل الإنسان له دخل فيما له وما عليه ، فلذلك
لم يتم قدر الله لما يصيب الإنسان إلا بالعمل ، إلا أن القدر هو الأصل في ذلك
لمكان التمثيل ولأن العمل أيضا موقع للقدر ، ثم إن قوله : ( لا نحس ـ ولا يحس ) في
الموضعين على بناء المجهول ، والضمير المجرور في قوله : ( ولله فيه العون ) يرجع
إلى العمل.