اسم الکتاب : التّوحيد المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 318
العرش) أي ثم نقل
إلى فوق السماوات وهو مستول عليه ومالك له ، وقوله عزوجل : (ثم) إنما لرفع
العرش إلى مكانه الذي هو فيه ونقله للاستواء فلا يجوز أن يكون معنى قوله : ( استوى
) استولى لأن استيلاء الله تبارك وتعالى على الملك وعلى الأشياء ليس هو بأمر حادث
، بل لم يزل مالكا لكل شيء ومستوليا على كل شيء ، وإنما ذكر عزوجل الاستواء بعد
قوله : ( ثم ) وهو يعني الرفع مجازا ، وهو كقوله : ( ولنبلونكم حتى نعلم
المجاهدين منكم والصابرين)[١]
فذكر ( نعلم ) مع قوله : ( حتى ) وهو عزوجل يعني حتى يجاهد المجاهدون ونحن نعلم
ذلك لأن حتى لا يقع إلا على فعل حادث ، وعلم الله عزوجل بالأشياء لا يكون حادثا ،
وكذلك ذكر قوله عزوجل : (استوى على
العرش)
بعد قوله : ( ثم ) وهو يعني بذلك ثم رفع العرش لاستيلائه عليه ، ولم يعن بذلك
الجلوس واعتدال البدن لأن الله لا يجوز أن يكون جسما ولا ذا بدن ، تعالى الله عن
ذلك علوا كبيراً. [٢]
[٢] حاصل مراده رحمهالله أن ( ثم ) لا يتعلق بقوله ( استوى )
لأنه بمعنى استولى واستيلاؤه تعالى على العرش لا يكون متأخرا عن خلق السماوات
والأرض لأنه مالك ملك مستول على كل شيء أزلا ، بل يتعلق بمحذوف تقديره ثم نقل
العرش إلى فوق السماوات لأنه استوى عليه ، وأخذ هذا التفسير من الحديث الثاني من
الباب التاسع والأربعين ، وقيل : ثم أظهر استواؤه على العرش للملائكة ، وقيل : ثم
قصد إلى خلق العرش فخلقه بعد خلق السماوات والأرض ، وقيل : ثم بين أنه استوى على
العرش ، وقيل : ثم صح الوصف بأنه مستو على العرش لأنه لم يكن عرش قبل وجوده ،
والحق أن ثم لمجرد الترتيب ، والاستواء هو الاستيلاء الفعلي الظاهر عن مقام الذات
في الخلق بعد الايجاد ، وحاصل المعنى أنه تعالى استوى على العرش الذي هو جملة
الخلق في بعض التفاسير بتدبير الأمر ونفاذه فيه بعد الايجاد ألا له خلق الأشياء
وأمرها بعد إيجادها ، ولا يخفى أن معنى الاستيلاء أنسب بسياق هذه الآية ، ومعنى
مساواة النسبة أنسب بقوله : ( الرحمن على العرش استوى ) ثم إن قوله : ( على العرش
) متعلق باستوى إن فسر بالاستيلاء ، وإن فسر بمساواة النسبة فمتعلق بمحذوف واستوى
حال أو خبر بعد خبر ، أو ضمن معنى الاستيلاء فمتعلق به أيضا.
اسم الکتاب : التّوحيد المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 318