قال المرتضى: كان بعض الرؤساء، بل الوزراء ممن كان فاضلا في الأدب و الكتابة و مشغوفا بالنجوم، عاملا عليها، قال لي يوما- و قد جرى حديث يتعلق بأحكام النجوم، و رأى من مخايلي التعجب ممن يتشاغل بذلك، و يفني زمانه به-: أريد أن أسألك عن شيء في نفسي، فقلت: سل عما بدا لك، قال: أريد أن تعرفني هل بلغ بك التكذيب بأحكام النجوم إلى ألا تختار يوما لسفر، و لبس ثوب جديد، و توجه في حاجة؟
فقلت: قد بلغت ذلك و الحمد لله و زيادة عليه، و ما في داري تقويم، و لا أنظر فيه و ما رأيت إلا خيرا [2].
ثم يقول المرتضى:
فأما إصابتهم في الإخبار عن الكسوفات و اقتران الكواكب و انفصالها، فطريقه الحساب و تسيير الكواكب، و له أصول صحيحة، و قواعد سديدة، و ليس كذلك ما يدعونه من تأثيرات الكواكب في الخير و الشر و النفع و الضرر [3]. و الفرق بين الأمرين ظاهر معلوم. هذا و للمرتضى مجالات في الفلسفة أخر أرجأنا البحث عنها و الإسهاب فيها إلى فرصة أخرى ليست هذه المقدمة مما تستوجبها أو تستوعبها.
بين المرتضى و أبي العلاء المعري:
ذكر أبو منصور أحمد بن علي الطبرسي صاحب الاحتجاج قال فيه [4]:
دخل أبو العلاء المعري على السيد المرتضى(قدس الله روحه) فقال: أيها السيد، ما قولك في الكل؟ فقال السيد: ما قولك في الجزء؟ فقال: ما قولك في الشعري؟ فقال:
ما قولك في التدوير؟ قال: ما قولك في عدم الانتهاء؟ فقال: ما قولك في التحيز و الناعورة؟ فقال: ما قولك في السبع؟ فقال: ما قولك في الزائد البري [1] على السبع؟
[1] كذا في الأصل و لعلها «المربي» أي الزائد، راجع: هامش ص 30 من كتاب «أبو العلاء في بغداد» للمرحوم العلامة طه الراوي.