اسم الکتاب : الانتصار في انفرادات الإمامية المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 271
لو وطئ امرأة و لم يلتذ بوطئها لأن نفسه عافتها و كرهتها أو لغير ذلك من الأسباب، لكان دفع المهر واجبا و إن كان الالتذاذ مرتفعا، فعلمنا أن لفظة الاستمتاع في الآية إنما أريد بها العقد المخصوص دون غيره.
و مما يبين ما ذكرناه و يقويه قوله تعالى «وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ»[1]، و المعنى على ما أجمع عليه أصحابنا و تظاهرت به الروايات عن أئمتهم (عليهم السلام) أن تزيدها في الأجر و تزيدك في الأجل [2].
و ما يقوله مخالفونا من أن المراد بذلك رفع الجناح في الإبراء أو النقصان أو الزيادة في المهر أو ما يستقر بتراضيهما من النفقة، ليس بمعول عليه، لأنا نعلم أن العفو و الإبراء مسقط للحقوق بالعقول و من الشرع ضرورة لا بهذه الآية، و الزيادة في المهر إنما هي كالهبة، و الهبة أيضا معلومة لا من هذه الآية، و أن التراضي مؤثر في النفقات و ما أشبهها معلوم أيضا، و حمل الآية و الاستفادة بها ما ليس بمستفاد قبلها و لا معلوم هو الأولى، و الحكم الذي ذكرناه مستفاد بالآية غير معلوم قبلها فيجب أن يكون أولى.
و مما يمكن معارضة المخالف به الرواية المشهورة أن عمر خطب الناس، ثم قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) حلالا أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما: متعة النساء و متعة الحج [3]، فاعترف بأنها كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) حلالا، و أضاف النهي و التحريم إلى نفسه، فلو كان النبي (صلى الله عليه و آله) هو الذي نسخها و نهى عنها أو أباحها في وقت مخصوص دون غيره على ما يدعون لأضاف عمر التحريم إليه (عليه السلام) دون نفسه.