فأنفذنا في الحال رسولا قاصدا ليخبرنا عن أمره ، فجاءنا يعرفنا أن إمرأته ذكرت أنه عرض له في هذا الليلة حكاك شديد في قفاه ، فمنعه من الطواف ، والتذكير . فقلت لابي على المستأمن : أيها الأمير هذه آية يجب أن نشاهدها . فركبنا وقد بقيت من الليل بقية يسيرة وجئنا إلى دار الضرير فوجدناه نائما على وجهه يخور فسألنا زوجته عن حاله ، فقالت ابنته . . وحك هذا الموضع وأشارت إلى قفاه - وكان قد ظهر فيه مثل العدسة - وقد اتسعت الآن وانتفخت وتشققت وهو الآن على ما تشاهدونه يخور ، ولا يعقل . فانصر فنا وتركناه . فلما أصبحنا توفي ( 1 ) وأكب أهل ( صور ) على تشييع جنازته وتعظيمه . قال أبو الفرج : واتفق أنني لما وردت إلى باب عضد الدولة بالموصل سنة ثمان وستين وثلاثمائة لزمت دارخازنه أبي نصر خرشيد بن يزديار ( 2 ) وكان يجتمع فيها كل يوم خلق كثير من طبقات الناس ، فحدثت بهذه الحكاية جماعة في دار أبي نصر منهم القاضى أبو علي التنوخي وأبو القاسم الحسين بن محمد الجنابي وأبو إسحاق النصيبيني وابن طرخان وغيرهم ؟ وكلهم رد علي واستبعد ما حكيته على أشنع وجه غير القاضى التنوخي ، فانه جوزه وشيده وحكى في معناه ما يضاهيه ، ثم مضت على هذه مدة يسيرة فحضرت دار أبي نصر هذا على العادة واتفق حضور أكثر الجماعة فلما ، إستقر [ بي ] ( 3 ) المجلس سلم علي فتى شاب لم أعرفه فاستبنته ؟ فقال ؟ أنا أبو القاسم بن ريان قاضي صور . فبدأت فأقسمت عليه بالله - يمينا مكررة موكدة مغلظة محرجة - إلا صدق فيما أسأل عنه فقال : نعم عندي أنك تريد أن تسألني عن الضرير المذكر وميتته الظريفة ؟ فقلت : نعم ، هو ذاك . فبدأهم وحدثهم [ بمثل ] ( 4 ) ما حدثتهم فعجبوا من ذلك واستظرفوه . ( هذا آخر الكتاب والله الموفق للصواب )