اسم الکتاب : إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي (مع تعليقات مير داماد الأسترآبادي) المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 1 صفحة : 124
أبو ذر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقيل له انه في حائط
كذا و كذا، فتوجه في طلبه فوجده نائما فأعظمه أن ينبهه، فأراد ان يستبري نومه من
يقظته فأخذ عسيبا يابسا (1) فكسره ليسمعه صوته فسمعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله فرفع رأسه، فقال: يا أبا ذر تخدعني أما علمت أني أرى أعمالكم في منامي كما
أراكم في يقظتي ان عيني تنامان و لا ينام قلبي. (2)
قوله عليه السّلام:
فأخذ عسيبا يابسا باهمال العين المفتوحة و كسر السين المهملة و تسكين المثناة
من تحت قبل الياء الموحدة، أي جريدة من النخل مستقيمة دقيقة.
قوله (ص): ان عينى
تنامان و لا ينام قلبى قال السيد المكرم الرضي أخو السيد المعظم المرتضى رضي اللّه
تعالى عنهما في كتاب مجازات الحديث: و من ذلك قوله عليه الصلاة و السّلام تنام
عيناي و لا ينام قلبي. و هذا القول عند المحققين من العلماء مجاز، لأنه عليه
السّلام لو كان قلبه لا ينام على الحقيقة كقلوب الناس لكان ذلك من أكبر معجزاته و
أبهر آياته، و لوجب أن تتظاهر الاخبار بنقله، كما تظاهرت بنقل غيره من أعلامه و
دلالته.
و مما يحقق قولنا ما
رواه عبد اللّه بن عباس رحمهما اللّه من أنه صلّى اللّه عليه و آله نام و نفخ فصلى
و لم يتوض، فقيل له عليه الصلاة و السّلام في ذلك فقال: ليس الوضوء على من نام
قاعدا انما الوضوء على من نام مضطجعا، و في بعض الروايات أو متوركا فانه اذا نام
كذلك استرخت مفاصله.
فبين عليه الصلاة و
السّلام أنه لو نام مضطجعا للزمه الوضوء لاسترخاء مفاصله، فلو كان قلبه لا ينام
لما وجب عليه الوضوء اذا نام مضطجعا، كما لا يجب عليه اذا نام قاعدا، و قد يجوز أن
يكون المراد بقوله عليه السّلام: تنام عيناي و لا ينام قلبي. أنه لا يعتقد في حال
نومه من الرؤيا الفاسدة و المنامات المتضادة ما يعتقده غيره من سائر البشر، فيكون
في حكم المستيقظ و بمنزلة المتحفظ[1] انتهى كلامه
رفع مقامه.