اسم الکتاب : إيضاح الاشتباه المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 43
القدرة الكافية لمواجهة الغزو المغولي، و كان يعلم
أن المغول التتار اذا دخلوا بلدة ما ذا يصنعون بها من الدمار و الهلاك و السبي و التعدي
على الناموس.
لذلك صمّم هذا الشيخ و من معه من علماء الطائفة
على مواجهة الكارثة باسلوب عقلائي و تدبير محكم، فراسلوا هولاكو أولا، و حافظوا بذلك
على مدنهم و ما فيها من العلماء و المكتبات. ثمّ ألّف السيد مجد الدين محمد بن طاوس
كتاب البشارة و أهداه إلى هولاكو، فانتجت هذه الخطوة أن ردّ هولاكو شئون النقابة في
البلاد الفراتية إلى السيّد ابن طاوس و أمر بسلامة المشهدين الشريفين و الحلّة.
و بعدها- و في مرحلة اصلاح المعتدي و ردعه عن ارتكاب
الجرائم و هدايته هو و من معه الى الصراط المستقيم، من باب الأمر بالمعروف و النهي
عن المنكر- قام النصير الطوسي باقناع هولاكو باعتناق الدين الاسلامي، و فعلا قد نجح
في ذلك و أسلم هولاكو و من معه من المغول، و استطاع النصير الطوسي رحمه اللّه من المحافظة
على ما تبقى من التراث بعد هلاك جلّه، و صار الطوسي وزيرا لهذا السلطان، و قام بمهام
كبيرة في خدمة العلم و العلماء و الحفاظ على النفوس و الدماء.
و بعد ذلك كله جاء دور علّامتنا الحلّي رضوان اللّه
تعالى عليه ليؤدي واجبه المقدّس، حيث يحدّثنا التأريخ عن كيفية استبصار السلطان محمد
خدابنده و أكثر قادته و امرائه، و ذلك عند ما طلّق السلطان زوجته ثلاثا، و أجمع علماء
المذاهب على وجوب المحلل، ثمّ مجيء العلّامة الحلّي رضوان اللّه تعالى عليه و مباحثته
مع علماء العامة و إقامة الأدلة الدامغة عليهم، حيث اسفرت تلك المباحثة عن تشيع السلطان
و أكثر من معه.
و قد ذكر هذه الحادثة مفصّلة العلّامة المجلسي
في روضة المتقين [1]،