لدعايتهم الكاذبة وحببهم اليه سوابغ نعمهم عليه إذ أنعشوه بعد الخمول وأنالوه النضرة بعد الذبول، كان مروان بن الحكم يستخلفه على المدينة [1] كلما غاب عنها، وهو الذي زوجه بسرة بنت غزوان [2] وما كان ليرمقها بطرفه لولا آل بي العاص وآل أبي سفيان، لما مرض مرض الموت كان مروان يبره ويصله وكان مشفقاً عليه فكان يدعو له بالشفاء حين يعوده وقد عاده في آخر أيام حياته فلما انصرف عنه أدركه إنسان فقال له [3]: قضى أبو هريرة، وحين حمل نعشه كان مروان أمام الجنازة [4] وكان أبناء عثمان يحملون النعش حتى بلغوا به البقيع فصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، ونعاه إلى عمه معاوية فأمره أن يدفع إلى ورثته عشرة آلاف وان يحسن جوارهم، وهذه صورة تريك عطفهم عليه، ومزيد إحسانهم اليه، وتلمسك انقطاعه اليهم وعكوفه عليهم فهل كانوا في اصطلاح أبي هرير هم المؤمنين؟ الذين حببهم الله اليه، وحببه اليهم؟.
32 ـ غلام أبي هريرة في هجرته !!!
أخرج البخاري [5] بسنده إلى أبي هريرة، قال: لما قدمت على النبي (صلى الله عليه وآله) وسلم قلت في الطريق:
ياليلة من طولها وعنائها * على أنها من دارة الكفر نجت
قال: وابق غلام لي في الطريق فلما قدمت على النبي (صلى الله عليه وآله) وسلم فبايعته فبينا
[1] كما اخرجه في ترجمة أبي هريرة كل من ابن سعد في طبقاته وابن قتيبة في معارفه، ورواه احمد بن حنبل في مسنده كما بيناه إذ ذكرنا أيادي بني امية عليه.