responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الواضح في شرح العروة الوثقى - ط آل البيت المؤلف : الجواهري، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 315


فقد أجاب عنه غير واحد من الأصحاب بكفاية المحبوبية ، فإنها كافية في وقوع العبادة صحيحة وإن لم يؤمر بها لمانع وهو الأمر بالضد .
ولكن ذكرنا أن هذا الكلام بحسب الكبرى صحيح فإنه تكفي المحبوبية في صحّة العبادة ، إلاّ أن الكلام هنا في صغرى ذلك ، لأنه لو كان لا أمر بها فمن أين تستكشف المحبوبية ، فإن استكشافها يحتاج إلى علم الغيب ، فإنه ليس لنا طريق إلى كشف الملاك إلاّ أمر المولى ، فإذا سقط الأمر لوجود الأهم فمن أين يستكشف الملاك وأنه محبوب للمولى . ونتيجة ذلك بقاء كلام الشيخ البهائي صحيحاً وهو أنه إن لم يكن أمر في البين فلا يمكن الحكم بالصحة .
والصحيح في الجواب عنه أن يقال : إن العبادة صحيحة ، والأمر بالضد لا ينافي صحّة هذه العبادة ، لأن الممتنع هو الأمر بالضدين جمعاً وفي عرض واحد ، لأنه من التكليف بما لا يطاق ، وأما الأمر بالضدين على نحو الترتب فلا مانع منه أصلاً ، والوجه في ذلك ان اعتبار القدرة في التكليف إنما هو بحكم العقل ، ويسقط التكليف عند عدم التمكن وعدم القدرة ، والتقييد بالقدرة عقلاً إنما هو بمقدار الضرورة ، ففي أي مورد كان امتثال التكليف غير مقدور يسقط التكليف ، وأما في غير ذلك فلا ، وغير المقدور إنما هو الجمع بين الضدين ، وأما لو كان أحدهما في طول الآخر بأن قال المولى : على تقدير عصيان الأمر الأوّل فآمرك بضده ، كما لو قال الأب لابنه : اذهب إلى المدرسة فإن عصيت فاكتب دروسك ، فالمأمور به الثاني مقدور على تقدير ترك الأمر الأوّل ، فتشمله إطلاقات أدلة التكليف ، وهذا هو معنى الترتب الذي ذكرناه مفصلاً في الأصول وقلنا إنه من الإمكان بمكان ، وإمكانه مساوق لوقوعه ولا يحتاج إلى دليل عليه بالخصوص . وعليه فيقال في المقام : إنه لو فرض أن الحجّ واجب عليه وفعلي والمكلف متمكن منه وعالم ، به ولا يمكن ان يكلف بتكليف مضاد له في عرضه ، وأما في طوله فيمكن بأن يقول له المولى : ائت بالحجّ الواجب عليك وإن عصيت فائتِ به عن نفسك تطوعاً أو عن غيرك نيابة باُجرة أو تبرعاً ، وليس هذا من التكليف بغير المقدور ، فإذا أتى به بداعي ذلك الأمر المتوجه إليه على فرض العصيان حكم بصحته .
ولكن ذكر شيخنا الأستاذ ( قدس سره ) [1] عدم جريان الترتب في المقام ، لأنه إنما يجري في التكاليف المشروط بالقدرة عقلا ، ففي كل مورد كان المكلف عاجزا عن الامتثال يسقط دون ما لو لم يكن عاجزا ومعلوم أن الضد مقدور عقلا في ظرف ترك الضد الآخر ، فالترتب على القاعدة ، ولذا ذكرنا أن إمكان الترتب مساوق مع وقوعه . وأما لو كانت القدرة المأخوذة في التكليف قدرة شرعية كما في المقام فلا يتحقق الترتب

[1] أجود التقريرات 1 : 301 .


اسم الکتاب : الواضح في شرح العروة الوثقى - ط آل البيت المؤلف : الجواهري، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 315
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست