نال الصالحون، و قد أمكنني اللَّه منكم
يا أهل البصرة و أسلمكم بأعمالكم، فإيّاكم أن تعودوا لمثلها، فانّكم أوّل من شرع
القتال و الشقاق، و ترك الحق و الإنصاف.
أقول: هذه
الخطبة و ما كلّم 7 به القتلى ليست في النهج إلّا كلامه الّذي كلّم به
طلحة و عبد الرّحمن لمّا مرّ بهما كما مضى آنفا.
«عدل على
7 و زهده»
ثمّ نزل 7 و دخل على بيت مال الكوفة «البصرة ظ» في جماعة من المهاجرين و الانصار
فنظر إلى ما فيه من العين و الورق فجعل يقول: يا صفراء غرّي غيري و أدام النظر إلى
المال مفكّرا، فلمّا رأى كثرة ما فيها فقال: هذا جنياي، ثمّ قال: اقسموه بين
أصحابي و من معي خمسمائة خمسمائة، ففعلوا فما نقص درهم واحد و عدد الرّجال اثنا
عشر ألفا، و قبض ما كان في عسكرهم من سلاح و دابة و متاع و آلة و غير ذلك، فباعه و
قسّمه بين أصحابه و أخذ لنفسه ما أخذ لكلّ واحد ممن معه من أصحابه و أهله خمسمائة
درهم، فأتاه رجل من أصحابه فقال: يا أمير المؤمنين إنّ اسمي سقط من كتابك أو قال و
خلفني عن حضور كذا و أدلى بعذر فدفع الخمسمائة الّتي كانت سهمه 7 إلى
ذلك الرّجل.
و روى أبو
مخنف لوط بن يحيى عن رجاله قال: لمّا أراد أمير المؤمنين 7 التوجه إلى
الكوفة قام في أهل بصرة فقال: ما تنقمون عليّ يا أهل البصرة؟ و أشار إلى قميصه و
ردائه فقال: و اللَّه إنهما لمن غزل أهلي، ما تنقمون منّي يا أهل البصرة و أشار
إلى صرّة في يده فيها نفقته فقال: و اللَّه ما هي إلّا من غلّتي بالمدينة، فان أنا
خرجت من عندكم بأكثر مما ترون فأنا عند اللَّه من الخائنين.
و روى الثوري
عن داود بن أبي هند عن أبي حرز الأسود قال: لقد رأيت بالبصرة لمّا قدم طلحة و
الزبير أرسل إلى اناس من أهل البصرة أنا فيهم، فدخلنا بيت المال معهما فلمّا رأيا
ما فيه من الأموال قالا: هذا ما وعدنا اللَّه و رسوله، ثمّ تليا هذه الاية «وعدكم
اللَّه مغانم كثيرة تأخذونها فعجّل لكم هذه» إلى آخر الاية و قالا: نحن أحقّ بهذا
المال من كلّ أحد، و لمّا كان من أمر القوم ما كان