قد بيّن في
المجلد الأول من تكملة المنهاج (ص 367- 379) أنّ محاربي عليّ و منهم أصحاب صفين و
الجمل كفرة، و أنّ أمير المؤمنين 7 لم يسر فيهم بسيرة الكفار، لأنّ
التساوي في الكفر لا يوجب التساوي في جميع أحكامه، لأنّ أحكام الكفر مختلفة، فحكم
الحربي خلاف حكم الذّمي، و حكم أهل الكتاب خلاف حكم من لا كتاب له، من عبّاد
الأصنام، فانّ أهل الكتاب يؤخذ منهم الجزية و يقرّون على أديانهم، و لا يفعل ذلك
بعبّاد الأصنام، و حكم المرتدّ بخلاف حكم الجميع، و إذا كان أحكام الكفر مختلفة مع
الاتفاق في كونه كفرا لا يمتنع أن يكون من حاربه 7 كافرا و إن سار فيهم
بخلاف أحكام سائر الكفار كما سنتلو عليك طائفة من سيرته 7 في أصحاب
الجمل، و فعله 7 حجّة في الشرع بما ثبت من إمامته و عصمته فيجب أن يكون
سيرته فيهم هو الّذي يجب العمل به.
فان قلت: فما
الوجه فيما نقل من الفريقين أنّ أمير المؤمنين 7 قال:
قاتل ابن
صفيّة في النّار، ثمّ إنّ رجوعه عن الحرب يدلّ على توبته فلا يشمله أحكام
المحاربين، على أنّ الزبير كان من العشرة المبشّرة بالجنة، و كذلك الكلام في طلحة
أنّ قوله: ندمت ندامة الكسعي يدلّ على أنّه تاب و كان من العشرة أيضا؟.
قلت: قد أورد
كثيرا من هذه الاعتراضات القاضي عبد الحبّار في المغني و أجابها علم الهدى الشريف
المرتضى في الفصل الأخير من الشافي بما لا مزيد عليه و من نظر في تلك الأجوبة نظر
دقّة و تأمّل لرأى أنّها شافية كافية، و ذكر بعض تلك الأسألة و أجوبتها في الزبير
خاصة في كتابه الموسوم بتنزيه الأنبياء، و كأنّ ما أتى به فيه هو خلاصة ما فصّله
في الشافي و قد صنف الشافي قبله، قال:
فان قيل: فما
الوجه فيما ذكرة النظام من أنّ ابن جرموز لمّا أتى أمير المؤمنين 7
برأس الزبير و قد قتله بواد السباع قال أمير المؤمنين 7: و اللَّه كان
ابن صفيّة بجبان و لا لئيم و لكنّ الحين و مصارع السوء، فقال ابن جرموز: