responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 77

و ان يقيمه على ثلاثمائة عمود من الرخام. فقيل له ان مثل هذا العدد لا يتيسر الحصول عليه و انه اذا اصر على عزمه لا يترك للمسيحيين ما يقوم ببناء معابدهم فتردد بين ان يتم مشروعه و ان لا يحرم الطوائف الاخرى من التمتع بحقوقها الدينية في بناء المعابد

و كان المهندس المسيحي الذي تقدم ذكره و يسمى ابن الكاتب الفرغاني و من ذوي الاطلاع و المعرفة بفن الهندسة و صنعة البناء و قد اودع السجن لتهمة توجهت نحوه بغير الحق. فلما بلغه ما كان من عزم ابن طولون و تردده كتب اليه من السجن انه قادر على اتمام مشروعه و انه لا يحتاج في ذلك الى اكثر من عمودين يجعلهما عمودي القبلة.

فاستحضره و قد طال شعره حتى نزل على وجهه و طلب اليه ان يشرح له ذلك فرسم الجامع على الكيفية التي كانت في ذهنه فجاء كثير الشبه بجامع سامرّا. فاعجب ابن طولون كثيرا و امر باطلاقه و خلع عليه و جعل تحت امره مائة الف دينار و قال له انفق و ما احتجت اليه بعد ذلك اطلقناه لك. و امر ابن طولون ان يكون بناء الجامع من القرميد و الجير و نهى عن ادخال اي مادة كانت مما يقبل الاشتعال قائلا «و رغبتي من ذلك انه اذا طرأ على الفسطاط دمار بالماء أم بالنار فلا يكون على جامعي بأس فيبقى و لو دمرت جميعها»

و لما اتم بناء هيكل الجامع اخذ في زخرفته فبيضه و علق فيه القناديل الجميلة النحاسية بالسلاسل النحاسية الطوال و جعل على افاريزه آيات من القرآن الشريف لا يزال معظمها ظاهرا الى هذا اليوم و فرش الحصر و حمل اليه صناديق المصاحف و نقل اليه القراء و الفقهاء. و يقال انه هو الذي رسم القبلة و المنارة بنفسه و جعلها منفصلة عنه برواق يحيط بالجامع و يفصل المنارة عن صحن ثان خارجي و قد هدم بعض هذه المنارة الا ان الناظر اليها لا يسعه الا التعجب من عظمتها و يقال ان تجاه المنارة المذكورة الباب الكبير و جعل للجامع 33 شباكا. و اقام بجوار الجامع بناء دعاه دار الامارة يستطرق الى الجامع من كوة في جداره القبلي قرب المحراب و المنبر مزين بالستائر. و في الدار المساند الجميلة و الطنافس الثمينة فكان ابن طولون ينزل في تلك الدار اذا ذهب الى الصلاة يوم الجمعة فانها كانت تجاه القصر و الميدان فيجلس فيها و يجدد وضوءه و يغير ثيابه و في موضعها الآن سوق الجامع‌

و من يزر هذا الجامع اليوم يره خرابا مهجورا و قد استعملته الحكومة مرارا منازل للحجاج و الفقراء فبنوا في قناطره فسدوها. و قد هدم بعض تلك القناطر

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست