responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 6

البلاد السودانية يرى هذه الاراضي الواسعة و يشاهد امورا عديدة من معيشة القبائل المتوحشة و غرائب حركاتهم و قابليتهم او عدم قابليتهم للمدنية و ما بهذا الاقليم الجسيم من الحيوانات الوحشية و كيفية صيدها و الماء الزلال المتدفق من النيل المبارك الذي هو حياة السودان منذ الوف من السنين بتوالي فيضانه فتنمو به الاشجار الجسيمة العالية المختلفة الانواع و فوق اغصانها اللطيفة تترنم الطيور التي تمتاز عن غيرها من طيور الاقاليم الحارة باشكالها و الوانها و حسن منظرها. وجودة تربتها و رونق ازهارها التي تنبت في الصحارى و الغابات السودانية الواسعة و هذه تستلزم مدة من الزمن لكي يحقق علماء الطبيعة من خواصها و فائدتها. فالشاعر يطرب وجدا من رؤيتها و التاجر يفكر في استثمارها و الريح منها. فان السيدة الغربية تنفق مبلغا من ما لها للحصول على ريشة منها تزين بها قبعتها. و فضلا عن اجتلائهم لهذه المحاسن يرحل اهل الغرب اليها لمشاهدة هذا الحبس الوحشي و درس اخلاقه و لمعرفة اصل عنصره و تدين ما شاهدوه خدمة لاخوانهم. و لا شبهة في ان ابناء العثمانيين سيماثلون الاوربيين في خدمة ابناء جنسهم و محبة وطنهم ليتموا ما عليهم من الواجب فضلا عما ينالونه من الفخر الحالد. كما قال الشاعر

تغرب عن الاوطان في طلب العلى‌* * * و سافر ففى الاسفار خمس فوائد

فتفريح همّ و اكتساب معيشة* * * و علم و آداب و صحبة ماجد

اني كنت اتشوق من زمن مديد الى السياحة في بلاد السودان و الاقتداء بالغربيين. فتم لي في 6 شهر محرم سنة 1327 للهجرة الموافق 27 يناير 1909 ميلادية الشروع في هذا السفر من مصر الى تلك الارحاء لمعرفة احوالها العمومية و التاريخية و العلم بمنسع ثروتها الطبيعية

و شرعت بتوفيق اللّه و عنايته الصمدانية في تحرير و تنظيم هذه الرحلة و طبعها و تجاريت على شرها لا قدمها لا بناء وطني العزيز. و ليس الغرض من تفصيل و تطويل هذه المقدمة الادعاء بكماليتها و لا الغرور بنفسي بل تشويقا و ترغيبا لابناء وطني بعمل مثل هذه السياحة خدمة للادنا و منفعتها العطمى حتى لا يخشون المخاطر بل يقدمون انفسهم في اتباع ميدان السياحة و اتمنى ان شبان الوطن و خياره يوسعون هذه الطريق. و اتعسم ان في عصرنا هذا الذي هو عصر الدستور و الحرية و الترقى يصل انشاء اللّه الى هذا العرض و تتجلى لنا في مرآة الكائنات محمد بك مهري‌

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست