responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 367

و تعوقه عن الانتشار في مثل البلاد التي تحكمها روسيا و قد حصل. قال مسيو أوچين سميرنوف معتمد سفارة روسيا في لندن في كتابه اعمال المرسلين الارثوذوكسيين الروسيين (صفحة 10) ان الروسيا هدمت المساجد و المصليات التي صادفتها في البلاد التي امتلكتها بحق الفتح و عملا على مقتضى احوال الزمان نعم انها فعلت ذلك و لكنها لو كانت حكومة حرة لا يخضع اهلها لسلطة المجمع المقدس و كان لروسيا دستور و برلمان لما كانت اعمالهم تضر بمصلحة الاسلام او تعوقه عن الانتشار بل كانت تعززه و تساعده على النمو و التقدم***

ففي 19 محرم سنة 1327 ه 10 فبراير سنة 1909 م اقلع و ابورنا من ميناء بحر الغزال قبل شروق الشمس وصلنا الى جزيرة على الساحل الغربي للنيل فبقدرة و عظمة الخالق احتوت هذه الجزيرة من ألطف ما احتوت عليه الجزيرة السابق وصفها من المناظر الطبيعية بحيث ان اوراق اشجارها من كثر تقاربها لبعضها كانت مظلة على الارض حتى ان اشعة الشمس لا تنفذ منها كانها روضة غناء زارها الربيع فالبسها من ابدع ما حاكته يد قدرة الحنان و اظلها ثبات الطبيعة فكساها بابهى ما صاغ من السندس و الاقحوان عبق طيبها ورق نسيمها فداعب الاوراق و لاعب الاغصان و تفتح زهرها و تبسم ثغرها فطربت الطيور و انشدت بشجى الالحان فكانت تنفس الارواح و تجذب القلوب كما قال الشاعر

هواء كايام الهوى فرط رقة* * * و قد فقد العشاق فيه عواذلا

و ماله على الرضراض يجرى كانه‌* * * صفايح تبر قد شبكن جداولا

كأن بها من شدة الجرى جنّة* * * فقد البسهنّ الريح سلا سلا

و في صباح اليوم الثاني فارقنا هذه الجزيرة و وصلنا الى «ام جرسام» و طلع دولة الامير الغابة الكائنة في تلك الجهة بقصد الصيد و اصطاد حيوانين من الحيوانات التى يسمونها «ابو عرف» و عاد برأسيهما عند غروب الشمس و عزم على اقامته فيها تلك الليلة. و في اليوم الثاني‌

و الصّبح قد جردت صوارمه‌* * * و الليل قد هم منه بالهرب‌

و الجوّ في حلة تمسكة؟؟؟* * * قد كتبها؟؟؟ البروق من ذهب‌

و عند ما طلعت الشمس و انارت الافق طلع دولة الامير للصيد داخل الغابة و تجول فيها حتى غاب عن اعيننا و لما اتى ألليل لم يعد دولته حسب العادة و اظلم الليل و لم نعرف له اثرا فغرقت فى بحر الافكار و الاضطراب فاسرعت نحو القبطان و قلت له ربما يكون الامير ضل عن الطريق بسبب ظلام الليل فبلزم وضع فانوس في اعلى الصاري للدلالة

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 367
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست