responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 32

في اللّه و اتباع رضوانه و ليس غزونا عدونا ممن حارب اللّه لرغبة في الدنيا و لا طلب الاستكثار منها الا ان اللّه عزّ و جلّ قد احل لنا ذلك و جعل ما غنمنا منه حلالا و ما يبالي احدنا ان كان له قنطار ذهب او كان لا يملك الا درهما لان غاية احدنا من الدنيا اكلة يأكلها ليسد بها جوعه لليله و نهاره و شملة يلتحفها فان كان احدنا لا يملك الا ذلك كفاه و ان كان له قنطار من ذهب انفقه في سبيل اللّه و اقتصر على هذا الذي في يده و يبلغه ما كان في الدنيا لان نعيم الدنيا ليس نعيما و رخائها ليس رخاء انما النغيم و الرخاء في الآخرة و بذلك امرنا اللّه و امرنا به نبينا و عهد الينا ان لا تكون همة احدنا من الدنيا الا ما يمسك به جوعه و يستر عورته و تكون همته و شغله في رضوانه و جهاد عدوه»

فلما سمع المقوقس من هذا الكلام قال لمن حوله بلسانهم «هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قط لقد هبت منظره و ان قوله لا هيب. ان هذا و اصحابه اخرجهم اللّه لخراب الارض ما اظن ملكهم الا سيغلب على الارض كلها» ثم اقبل على عبادة و قال له «ايها الرحل الصالح قد سمعت مقالتك و ما ذكرت عنك و عن اصحابك و لعمري ما بلغتم الا بما ذكرت و ما ظهرتم على من ظهرتم عليه الا لحبهم الدنيا و رغبتهم فيها و قد توجه الينا لقتالكم من جمع الروم ما لا يحصى عدده قوم معروفون بالنجدة و الشدة ما يبالي احدهم بمن لقى و لا من قاتل و انا لنعلم انكم لن تطيقوهم لضعفكم و قلتكم و قد اقمتم بين اظهرنا اشهرا و انتم في ضيق و شدة من معاشكم و حالكم و نحن تطيب انفسنا ان نصالحكم على ان نفرض لكل رجل منكم دينارين و لأميركم مائة دينار و لخليفتكم الف دينار فتقبضونها و تنصرفون الى بلادكم قبل ما يغشاكم ما لا قوام لكم به»

فقال عبادة «يا هذا لا تغرن نفسك و لا اصحابك ... اما ما تخوفنا به من جمع الروم و عددهم و كثرتهم و انا لا نقوى عليهم فلعمري ما هذا الذي تخوفنا به و لا بالذي يكسرنا عما نحن فيه و ان كان ما قلتم حفا فذلك و اللّه ارغب ما يكون في قتالهم و اشد لحرصنا عليهم لان ذلك اعذر لنا عند ربنا اذا قدمنا عليه ان قتلنا عن آخرنا كان امكن لنا في رضوانه و جنته و ما شي‌ء اقرّ لاعيننا و لا احب لنا من ذلك و اننا منكم حينئذ لعلى احدى الحسنيين اما ان تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا ان ظفرنا بكم او غنيمة الآخرة ان ظفرتم بنا و لانها أحب الخصلتين الينا بعد الاجتهاد منا. و ان اللّه عز و جل قال لنا في كتابه‌ (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) و ما منا رجل الا و يدعو ربه صباحا و مساء ان يرزقه الشهادة و أن لا يرده الى‌

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست