responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 246

طريق عجيب من الشكل و الاتقان و لذلك صبرت على ممر الايام لا بل على ممر صبر الزمان فانك اذا تأملتها وجدت الازهان الشريفة قد استهلكت فيها و العقول الصافية قد افرغت عليها مجهودها و الانفس النيرة قد افاضت عليها اشرف ما عندها و الملكات الهندسية قد اخرجتها الى الفعل مثالا في غاية امكانها حتى انها تكاد تحدّث عن قوة قومها و تخبر عن سيرتهم و تنطق عن علومهم و اذهانهم و تترجم عن سيرهم و اخبارهم و ذاك ان وضعها على شكل مخروط و يبتدى‌ء من قاعدة مربعة و ينتهي الى نقطة و من خواص الشكل المخروط ان مركز ثقله في وسطه يتسائد على نفسه و يتواقع على ذاته و يتحامل بعضه على بعض و ليس له جهة اخرى يتساقط عليها و من عجيب وضعه انه شكل مربع قد قوبل بزواياه مهاب الرياح الاربع فان الريح تنكسر سورتها لمسامتتها الزاوية و ليس كذلك عندما تلقى السطح. قال خردازيه‌

خليليّ ما تحت السماء بنية* * * تماثل في اتقانها هرمي مصر

بناء يخاف الدهر منه و كل ما* * * على ظاهر الدنيا يخاف من الدهر

تنزه طرفي في بديع بنائها* * * و لم يتنزه في المراد بها فكري‌

أخذ هذا من قول بعض الحكماء كل شى‌ء يخشى عليه من الدهر الا الاهرام فان الدهر يخشى عليه منها. و في مثلها يقول ابو العلاء احمد بن سليمان المعري‌

تضل العقول الهبرزيات رشدها* * * و لا يسلم الرأي القويم من الافن‌

و قد كان أرباب الفصاحة كلما* * * رأوا حسنا عدوّه من صنعة الجن‌

و في كلام بعض علماء الافرنج انه لم يكن في داخل الاهرام كتابة و لا زينة و ليس ذلك ناشئا عن جهل بالنقش على الصخور فان القبور الموجودة من زمن بناء الاهرام الى الآن فيها النقوش و الكتابة و على الخصوص قبر المعمار الذي كان في زمن الفرعون (سوفيس الاول) و انما تجرد الاهرام عن النقوش كما زعم بعضهم اتساع اسطحتها الظاهرة فكانت كافية لان ينقش عليها ما يلزم نقشه بخلاف القبور

و تضاربت الاقوال في وجود كتابة داخل الاهرام الكبير و خارجها و لكن من المشاهدة و المباحثة التي اجريتها بنفسي في سنة 1893 ميلادية لم ارى اثرا يدل على وجود الكتابة. فلو قال قائل انها محيت مع مرور الزمان اقول ان الكتابة التي على الهياكل و المعاند الموجودة في (لقصر) و غيرها رأيتها باقية لحد الآن مع كونها عرضة للحوادث الجوية و لذلك احكم بعدم وجود الكتابة في داخلها مطلقا و قد استغربت عند زيارتي للاهرام المذكور من عدم وجود كتابة و النقش في طاهرها

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست