responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 173

فسعى بينهم المشايخ و الامراء في الصلح حتى ثم ذلك و في سنة 1199 عمت البلوى بمصر من الطاعون فكانت هذه الايام ليس لها مثيل في الشدائد لما حصل فيها من الغلاء و الفتن و قصور النيل و تواتر المصادرات و المظالم و تعدي الامراء و انتشار اتباعهم في النواحي لجلب الاموال من القرى و البلدان و احداث انواع المظالم بأي نوع كان من تسمية البعض مال الجهات و البعض رفع المظالم و غير ذلك حتى اهلكوا الحرث و النسل و قل الزرع و اشتد الكرب و تشتت الفلاحون من بلادهم فخربت اغلب بلاد الارياف و مذ رأوا انه لا فائدة في الفلاح حولوا الطلب على الملتزمين و بعثوا لهم في بيوتهم فاحتاج متوسطي الحال لبيع امتعتهم و دورهم و مواشيهم مع ما هم فيه من المصادرات الخارجة عن الحد ثم تتبعوا من يشم فيه رايحة الغنى ايضا فاخذوه و حبسوه و كلفوه فوق طاقته اضعافا و طلب السلف ايضا من تجار البن و البهار عن المكوسات المستقبلة و طمع ابراهيم بك في المواريث فكانوا اذا مات الميت يحيطون بمتروكته سواء كان له وارث أم لا حتى صار بيت المال من جملة المناصب التي يتولاها اشرار الناس بجملة من المال يدفعها في كل شهر و لا يعارض فيما يفعل من الجزئيات و اما الكليات فيختص بها الامير فيحل بالناس ما لا يوصف من انواع العناء حتى خرب الاقليم باسره و انقطعت الطرق و فقد الامن و منعت السبل الا بالخفارة و انتشر الفلاحون في المدينة بنسائهم و اولادهم يضجون من الجوع و يأكلون ما يتساقط في الطرقات من قشر البطيخ و اوراق الشجر حتى اكلوا الميتة من الخيل و الحمير و البغال و الجمال فكان اذا خرج حمار ميت تزاحموا عليه و قطعوه فمنهم من يأكل ما اخذه نيئا من شدة الجوع و منهم من هو على خلاف ذلك و مات كثيرون جوعا هذا و الغلاء مستمر و الاسعار في نموّ و الدرهم و الدينار عزيز بين ايدي الناس و التعامل قليل الا فيما يؤكل الى آخر ما قله الجبرتي و مع ذلك كانت الامراء انتهت في المدينة و رجالهم تنهب فى بلاد الارياف و ما من مجير و تشكى الناس الى ابراهيم بك فلم يجدوا منصفا. و لما اشتد الامر و عمت البلوى و كثر التعدي على التجار من الافرنج و غيرهم و انتشر خبر ذلك في الآفاق ارسلت الدولة في سنة 1202 ه حسن باشا القبطان و معه العساكر ليرجع هؤلاء العساكر عما هم فيه فلما وصل ثغر الاسكندرية و بلغ الخبر الامراء هاجت المدينة و ماجت و اخذ كل يخفي امواله و يستعد للخروج و جرت المخابرات بين الامراء و حسن باشا القبطان فلم تفد شيئا. فتوجه مراد بك بعسكره الى فوّة و وقع بينه و بين عساكر الدولة محاربة كانت الدائرة فيها عليه فانهزم و رجع الى مصر و اراد إبراهيم بك ان يدخل القلعة

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست