responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 109

و بلغ من تزاحم الناس في الفسطاط حتى جعلوا المنازل طبقات عديدة بلغ بعضها خمس طبقات الى سبع و ربما سكن في البيت الواحد 200 نفس‌

«الخطبة العباسية بمصر»

و في سنة 667 ه جعل صلاح الدين الخطبة بمصر للخليفة العباسي بدلا من الفاطمي. و معنى ذلك في اصطلاحهم ان مصر عادت الى سيطرة العباسيين و خرجت من سلطة الفاطميين الشيعة و كان صلاح الدين سنيا. و كيفية البيعة ان صلاح الدين لما ثبتت قدمه بمصر و ازال المخالفين له و ضعف امر الخليفة العاضد و صار قصره يحكم فيه صلاح الدين و نائبه قراقوش و كان من اعيان الامراء الاسدية و كلهم يرجعون اليه فكتب اليه نور الدين محمود بن زنكى يأمره بقطع الخطبة العاضدية و اقامة الخطبة للمستضي‌ء باللّه العباسي. فامتنع صلاح الدين و اعتذر بالخوف من قيام اهل لديار المصرية لميلهم الى العلويين و كان صلاح الدين يكره قطع الخطبة لهم و يريد بقاءهم خوفا من نور الدين فانه كان يخافه ان يدخل الى الديار المصرية و يأخذها منه. فكان يريد ان يكون العاضد معه حتى اذا قصده نور الدين امتنع به و باهل مصر عليه فلما اعتذر الى نور الدين بذلك لم يقبل عذره و الح عليه بقطع الخطبة و الزمه الزاما لا فسحة له في مخالفته لانه على الحقيقة نائب نور الدين. و اتفق ان العاضد مرض في هذا الوقت مرضا شديدا. فلما عزم صلاح الدين على قطع خطبته استشار امراءه فمنهم من اشار به و لم يفكر في المصريين و منهم من خافهم الا انه لم يمكنه الا امتثال امر نور الدين‌

و كان قد دخل الى مصر انسان اعجمي يعرف بالامير العالم فلما رأى ما هم فيه من الاحجام و ان لا احدا يتجاسر ان يخطب للعباسيين قال «انا ابتدى‌ء بالخطبة له» فلما كان اول جمعة من المحرم صعد المنبر قبل الخطيب و دعا للمستضى‌ء باللّه ففعلوا ذلك و لم ينتطح فيها عنزان. و كتب بذلك الى سائر بلاد مصر ففعلوا

و كان العاضد قد اشتد مرضه فلم يعلمه احد من اهله و اصحابه بقطع الخطبة و قالوا ان عوفى فهو يعلم و ان توفى فلا ينبغي ان نفجعه بمثل هذه الحادثة قبل موته. فتوفى يوم عاشوراء و لم يعلم بقطع الخطبة. و لما توفى جلس صلاح الدين للعزاء و استولى على قصر الخلافة و ما فيه فحفظه بهاء الدين قراقوش و كان قد رتبه قبل موت العاضد

فحمل جميع ما فيه الى صلاح الدين و كان من كثرته يخرج عن الاحصاء و فيه من الاعلاق النفيسة و الاشياء الغريبة ما تخلو الدنيا عن مثله من الجواهر التي لم توجد

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست