responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 100

احدا مني» فكانت تقترب الناس منه و تحدق به و تكثر من الدعاء له‌

و بعد يسير أصيب الحاكم بتغيير في عقله لم يفارقه حتى فارقته الحياة. و ظهر في اثناء ذلك متمذهب يدعلى ضرار و تبعه جماعة عرفوا بالضرارية. ثم توفى الزعيم و خلفه احد تلاميذه المدعو حمزة بن احمد الملقب بالهادي. و سنّ هؤلاء شرائع كثيرة و علموا تعاليم مختلفة منها تعظيم يوم الجمعة و الاحتفال بالاعياد و التعويض عن الحج لمكة بزيارة مقام طالب في اليمن. و من شرائعهم انهم اباحوا الزيجة بين الاخ و أخته و الاب و بناته و الام و ابنائها. و جاؤا بامور كثيرة تخالف او تناقض ما جاء في القرآن‌

فارتاح الحاكم لهذه الديانة الجديدة و افتتن بها فتبعها و نسي ديانة ابيه و جده. و كان يصعد كل صباح منفردا الى جبل المقطم حيث أدعلى انه يناجي اللّه كما كان يفعل موسى و بعد ان كان اشد نصير للديانة الاسلامية نادى جهارا بمقاومتها و ادعى بالسوء على الصحابة. و سعى في ابطال الديانة الاسلامية و اقامة ديانة جديدة فحبطت مساعيه فاحتقرته الرعية و لم تعدتعبأ بمدعياته فعاد الى نصرة الاسلام فاضطهد النصارى و اليهود و كان السبب الرئيسي في ذلك الاضطهاد تقدم النصارى في ايامه حتى صاروا كالوزراء و تعاظموا لا تساع احوالهم و كثرة اموالهم فتزايدت مكايدتهم للمسلمين على عهد عيسى بن نسطوروس و فهد بن ابراهيم النصرانيين فغضب الحاكم بامر اللّه- و كان اذا غضب لا يملك نفسه فيبلغ غضبه الى حد الجنون. فامر بقتل هذين الرجلين و شدد على النصارى فامرهم بلبس ثياب الغيار و شد الزنار في اوساطهم و منعهم من عمل الشعانين و التظاهر بما كانت عادتهم فيه و قبض على ما في الكنائس و ادخله الديوان و منع النصارى من شراء العبيد و هدم كنائسهم و اجبرهم على الاسلام و غير ذلك من التشديد و العنف بما لم يقاس النصارى مثله من قبل و لعله اعظم ما اصابهم من الاضطهاد في ابان التمدن الاسلامي. و لا جناح على التمدن به لان مرتكبه اتاه عن حمق او جنون فكان هذا الحاكم حملا ثقيلا على عاتق المصريين و لم يستطع احد مقاومته فكان كل منهم يكظم غيظه و هو يسمع باذنه ونة السهم في قلبه‌

و لكن الامور تجري على سنن محدودة و لا بد لكل منها من نهاية فعلمت أخت الحاكم و قائد جيشه ان الحاكم ينوي قتلهما فعمدا الى اغتياله قبل أن يغتالهما فاخذا الاحتياطات الممكنة. و في سنة 411 ه قتلاه على جبل المقطم و بعد موته صار النفوذ الى أخته و نادت بابنه علي ابي الحسن الملقب بالظاهر لاعزاز دين اللّه و ريثا له فاستلم ازمام الاحكام فبايعوه و بقيت الاحكام في يده 17 سنة

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست