responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 83

مواقع بعض المدن المصرية القديمة

تكثر في الكتب المصرية القديمة أسماء مدن شهدت تغيرات جذرية، حتى أننا لم نعد نستطيع تحديد موقعها؛ و نسمع اليوم الناس يتحدثون عن دمياط و المنصورة و محلة الكبير و زفته و ميت غمر و رشيد و فوه و منوص و كالجوب، و غيرها من المدن التي لم تظهر إلا منذ وقت قصير. و لما كانت الإسكندرية قد قضت على ممفيس و فسطاط الإسكندرية و فسطاط القاهرة، سقطت المدن المصرية الأخرى تباعا و حلّت محلها مدن أخرى، دخل معظمها طي النسيان أيضا. أما بالنسبة للمدن الأخرى، فقد شهدت بدورها تقلبات كبيرة؛ فبعد ترسيخ الدور السياسي في البلاد، اتحد السكان و حققوا معا ازدهارا صناعيا باهرا؛ و لكنهم ما لبثوا أن دخلوا عهد الانحلال. و اللافت للنظر أن مدن الدلتا كلها عرفت تغيرات جذرية؛ يقول هيرودوس في كتابه الثاني، إن بوفيروس (المعروفة اليوم بأبو صير)، كانت تقع في وسط الدلتا؛ و يبدو أن هذا الجزء من مصر الذي كان يعرف قديما بالدلتا كان أكثر اتساعا منه اليوم، و أنه كان يحدّه من الشرق تارة مويس، حيث تصب القناة الكبيرة الممتدة بين قطريب و القاهرة، في بحيرة باهر. أما عدد المدن المصرية الحالي، فلا يوازي عدد المدن التي كانت موجودة قديما في البلاد؛ و هذا الأمر لا يثير الدهشة، لأن الفرس و اليونان و الرومان و العرب و الأتراك الذين حكموا مصر تباعا، عمدوا إلى تدمير هذا البلد الخصب، من خلال حكامهم، بعد أن جنوا منه أموالا طائلة، فراحوا يقلصون سبل عيش السكان، الذين اضطروا للهجرة منه و التخلي عن قراهم و مدنهم.

لا أظن أنه من السهل تحديد موقع معظم المدن المصرية القديمة التي ازدهرت خلال الألفي سنة الماضية. لكننا نستطيع استرجاع موقع عواصم بعض الأقاليم و المدن، مع الأخذ بعين الاعتبار السدود التي شيّدها المصريون القدامى، لحماية أنفسهم من فيضانات نهر النيل، و خاصة تلك التي نجدها قرب بقايا المدن القديمة، من هضاب و قطع صوان، و رخام و خزف، و الجدير ذكره أننا لا نجد في مصر السفلى كميات كبيرة من المعالم القديمة الجميلة، فقد غطى التراب معظمها مع مرور الزمن، كما و نقلت كافة المواد، حتى المدفونة منها تحت الأرض، إلى مناطق أخرى، لتستعمل في تشييد الأبنية الحديثة. و لم يكف المصريون عن التنقيب في الأماكن الأثرية بغية استخراج الحجارة اللازمة لبناء الجوامع و المنازل و حتى الأكواخ المتواضعة؛ كما و أنهم يبحثون عن كنوز أسلافهم الأثرياء فيغربلون الأرض المحفورة بحثا عن الفضة و الذهب و الحجارة المنحوتة. و سأذكر لكم المناطق التي في زرتها في مصر السفلى حيث تمّ العثور على بقايا مدن قديمة. و يمكنكم مقارنة مواقعها على خارطتي. أما بالنسبة للأسماء فسأترك للعلماء الذين يحسنون قراءة كتب المؤلفين القدامى، عناء تحديدها.

عند وصول المسافر إلى هذه الجهة من مصر، يرى آثارا قديمة قرب الإسكندرية الجديدة؛ و لقد قدمت‌

اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 83
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست